وَإِنْ عَجَّلَهَا، فَدَفَعَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَمَاتَ أَوِ ارْتَدَّ، أَوِ اسْتَغْنَى، أَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَنِيٍّ فَافْتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ تُجْزِئْهُ، وَإِنْ عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمِسْكِينِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ إِذَا نَقَصَ أَكْثَرُ مِمَّا عَجَّلَهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلزَّكَاةِ، فَإِذَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا بِنِتَاجٍ، أَوْ شِرَاءِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ، اسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ كَمُلَ النِّصَابُ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ مَا عَجَّلَهُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ فَنَتَجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةٌ لَزِمَهُ شَاةٌ ثَالِثَةٌ) لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُعَجَّلَ حُكْمُهُ كَالْمَوْجُودِ، فَيَكُونُ مِلْكُهُ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةً، وَفَرْضُ ذَلِكَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا أَدَّى اثْنَتَيْنِ بَقِيَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ، فَلَوْ نَتَجَ الْمَالُ مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، كَتَبِيعٍ عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَنَتَجَتْ عَشْرًا، فَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ لِشَيْءٍ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ، وَهَلْ لَهُ ارْتِجَاعُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ عَمَّا جَعَلَهُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ، لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْمَالِكُ مِنَ التَّعْجِيلِ غَالِبًا (وَإِنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا فَمَاتَ) قَابِضُهَا (أَوِ ارْتَدَّ أَوِ اسْتَغْنَى) مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ (أَجْزَأَتْ عَنْهُ) فِي الْأَصَحِّ كَمَا لَوِ اسْتَغْنَى مِنْهَا، أَوْ عَدِمَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقَبْضِ، وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ التَّعْجِيلُ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا بَقِيَ عَلَى صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْإِجْزَاءُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَنِيٍّ فَافْتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ يُجْزِئْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَفْتَقِرْ، (وَإِنْ عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ) أَيِ: النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ، أَوْ مَاتَ الْمَالِكُ أَوِ ارْتَدَّ (قَبْلَ الْحَوْلِ) فَقَدْ بَانَ أَنَّ الْمُخْرَجَ لَيْسَ بِزَكَاةٍ؛ لِانْقِطَاعِ الْوُجُوبِ بِذَلِكَ، فَإِذَا أَرَادَ الْوَارِثُ الِاحْتِسَابَ بِهَا عَنْ زَكَاةِ حَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا: يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ عَجَّلَ عَنْ عَامَيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْجِيلَ وُجِدَ مِنْ نَفْسِهِ مَعَ حَوْلِ مِلْكِهِ، وَهُنَا أَخْرَجَهَا غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِلَا وِلَايَةٍ وَلَا نِيَابَةٍ فَلَمْ يَجُزْ، (وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمِسْكِينِ) فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَهِيَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهَا وَقَعَتْ إِلَى مُسْتَحِقِّهَا