وَلَهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَعَ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَدْخُلَانِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْخِصَالِ.
الثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِتَوَلِّي الْقَضَاءِ لَهُمَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: فِي الْخَرَاجِ.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَمِيرُ الْبَلَدِ إِنَّمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْأَدَبِ، وَلَيْسَ إِلَيْهِ الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالْحُدُودُ وَالرَّحِمُ، إِنَّمَا ذَلِكَ لِلْقَاضِي، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، وَهُوَ مَحَلُّ حُكْمِهِ، وَتَجِبُ إِعَادَةُ الشَّهَادَةِ لِتَعْدِيلِهَا (وَلَهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَعَ الْحَاجَةِ) وَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَرَزَقَ ابْنَ مَسْعُودٍ نِصْفَ شَاةٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِذَا جَازَ لَهُ الطَّلَبُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَإِنْ كَانَ فَبِقَدْرِ عَمَلِهِ، مِثْلَ مَالِ الْيَتِيمِ. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَكْرَهُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا. (فَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .
أحدهما: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ فَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ. وَفَرَضَ عُمَرُ لِزَيْدٍ وَغَيْرِهِ، وَأَمَرَ بِفَرْضِ الرِّزْقِ لِمَنْ تولي مِنَ الْقُضَاةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ فَرْضُ الرِّزْقِ لَتَعَطَّلَتْ وَضَاعَتِ الْحُقُوقُ.