بَاعَهُ بِأَقَلَّ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، وَنَوَى الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ دُعِيَ إِلَى غَدَاءٍ، فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ إِذَا قَصَدَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ، يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةِ، حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ، وَكُلِّ مَا فِيهِ الْمِنَّةُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا، فَبَاعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْحَالَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ: مَا لَهُ عَلَيَّ، وَلَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ كَثِيرٌ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، وَنَوَى الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِهَا) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَيْمَانِ بِالنِّيَّةِ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَصِيرُ بِالْإِرَادَةِ خَاصًّا، وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ خَاصَّةً كَقَوْلِهِ: لَا دَخَلْتُ دَارًا الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِهِ، فَكَذَا إِذَا نَوَاهُ، وَفِي الْفُرُوعِ: إِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، وَنَوَى الْيَوْمَ، قُبِلَ حُكْمًا، وَعَنْهُ: لَا، وَيَدِينُ.
(وَإِنْ دُعِيَ إِلَى غَدَاءٍ، فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ، إِذَا قَصَدَهُ) أَيِ: اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِالْغَدَاءِ عِنْدَ الدَّاعِي إِذَا قَصَدَهُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا، لَكِنَّ الْقَصْدَ خَصَّصَهُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ دُعِيَ إِلَى غَدَاءٍ، فَحَلَفَ: لَا يَتَغَدَّى عِنْدَ الدَّاعِي، وَفِيهِ وَجْهٌ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ، يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةِ، حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ، وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ، وَكُلِّ مَا فِيهِ الْمِنَّةُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا} [النساء: 49] ، يُرِيدُ: لَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا.
وَلِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ
وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا أَقَلَّ مِنْهُ، كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ: إِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ الْمِنَّةِ لَمْ يَحْنَثْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ سَبَبٌ، وَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ الْيَمِينِ عَادَةٌ وَعُرْفٌ، فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ: لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا، فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ حَنِثَ) وَكَذَا إِنِ انْتَفَعَ بِثَمَنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا ثَمَنَهَا» وَيَحْنَثُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ،