بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا، وَمَنْ قَذَفَ حُرًّا مُحْصَنًا، فَعَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، إِنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا، وَأَرْبَعِينَ إِنْ كَانَ عَبْدًا، وَهَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِلْآدَمِيِّينَ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبِي مُوسَى مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الشَّهَادَةِ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ يَدُلُّ عَلَى التُّهْمَةِ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ لِقَضِيَّةِ أَبِي بَكْرَةَ.
[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]
بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ.
وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَهُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا) فَبَيَانٌ لِمَعْنَى الْقَذْفِ، وَكَذَا رَمْيُهُ بِلِوَاطٍ أَوْ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِهِ، وَلَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ، وَأَصْلُهُ: الرَّمْيُ بِالْحَجَرِ بِخِلَافِ الْخَذْفِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَإِنَّهُ الرَّمْيُ بِالْحَصَى، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَمْيُ الشَّيْءِ بِقُوَّةٍ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ، يُقَالُ: قَذَفَ يَقْذِفُ قَذْفًا، فَهُوَ قَاذِفٌ، وَجَمْعُهُ قُذَّافٌ وَقَذَفَةٌ، كَفَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ، وَكَافِرٍ وَكَفَرَةٍ (وَمَنْ قَذَفَ) وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ (حُرًّا مُحْصَنًا، فَعَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً إِنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا، وَأَرْبَعِينَ إِنْ كَانَ عَبْدًا) أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا، حُرًّا كَانَ الْقَاذِفُ أَوْ عَبْدًا، وَأَنَّ حَدَّهُ ثَمَانُونَ إِنْ كَانَ حُرًّا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَالرَّقِيقُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ جَلَدَ عَبْدًا قَذَفَ حُرًّا