بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ إِلَّا مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ فَيَكْفِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَلِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَلَزِمَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالْوَصِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، فَلَمْ يَقِفْ لُزُومُهُ عَلَى الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ، وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ عِشْرِينَ وَسْقًا مَجْدُودَةً، فَيَكُونُ مَكِيلًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهِ قَبْلَ تَعْيِينِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: وَعَدْتُكَ بِالنِّحْلَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَجَابُوا عَنِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ إِخْرَاجُ مِلْكٍ لِلَّهِ تَعَالَى، فَخَالَفَ التَّمْلِيكَاتِ، وَالْوَصِيَّةُ تَلْزَمُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ، وَالْعِتْقُ إِسْقَاطُ حَقٍّ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ، وَإِذَا قُلْنَا: الْهِبَةُ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ بِمُجْرَدِهِ فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ انْقَطَعَ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِ مِلْكِهِ، وَلَيْسَتْ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا مَحْذُورَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا بِوَجْهٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ حَيْثُ افْتَقَرَتْ إِلَى الْقَبْضِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِالْعَقْدِ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَجَمْعٌ عَكْسَهُ.

قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: اتَّفَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيُّ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا مَقْبُوضَةً، وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يَمْلِكُهَا بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ النَّمَاءُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: إِنِ اتَّصَلَ الْقَبْضُ.

(وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ) إِذَا قِيلَ يُلْزَمُ بِهِ (إِلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَصِحَّ إِلَّا بِإِذْنِهِ كَأَصْلِ الْعَقْدِ وَكَالرَّهْنِ (إِلَّا مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ) كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ (فَيَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهِ) ، هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَلَا مَعْنَى لِتَجْدِيدِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنَجَّا إِنَّهُ الْمَذْهَبُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّهَا تَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَبْضُ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ مُسْتَدَامٌ فَأَغْنَى عَنْ الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً، وَيُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ الرُّجُوعُ وَالنَّمَاءُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُتَّهَبِ إِذَا قُبِضَ مَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ، وَقِيلَ: لِلْوَاهِبِ، وَهُوَ أَقْيَسُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إِذَا أَذِنَ فِي الْقَبْضِ ثُمَّ رَجَعَ عَنِ الْإِذْنِ أَوْ فِي الْهِبَةِ صَحَّ رُجُوعُهُ (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَأْذَنَ فِي الْقَبْضِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015