يُنْفَقُ عَلَيْهِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ فَيَكُونُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إِحْيَاءَ نَفْسٍ، فَكَانَ وَاجِبًا كَإِطْعَامِهِ إِذَا اضْطُرَّ، وَإِنْجَائِهِ مِنَ الْغَرَقِ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ مَلْقُوطًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ عَرِيفِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، وَفِي لَفْظٍ: عَلَيْنَا رِضَاعُهُ.

(وَهُوَ الطِّفْلُ الْمَنْبُوذُ) مِنْ نَبَذَ، أَيْ طَرَحَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي شَارِعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَدَّعِيهِ، وَقِيلَ: وَالْمُمَيِّزُ إِلَى الْبُلُوغِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. قَالَ الْحُلْوَانِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَآهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُرَبِّيَهُ إِنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَلِلْحَاكِمِ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ، وَتَسْلِيمُهُ إِلَى أَمِينٍ لِيُرَبِّيَهُ.

وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: اللَّقِيطُ وَقَدْ عُرِّفَ، وَالِالْتِقَاطُ، وَفِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مَا فِي اللُّقَطَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا لِئَلَّا يَسْتَرِقَّهُ، وَالْمُلْتَقِطُ وَهُوَ كُلُّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ، وَفِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ وَجْهَانِ.

(وَهُوَ حُرٌّ) فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنِ الْتَقَطَهُ لِلْحِسْبَةِ فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنِ الْتَقَطَهُ لِلِاسْتِرْقَاقِ فَهُوَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي النَّظَرِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ كَوِجْدَانِهِ فِي دَارِ حَرْبٍ (يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ) ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ مَصْرِفُ مِيرَاثِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إِجْمَاعًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى مَنْ عُلِمَ حَالُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ تَرَكُوهُ أَثِمُوا وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَزِمَ اللَّقِيطَ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ قَصْدًا بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنَ الْحَاكِمِ فَقَوْلَانِ، وَمَا حُكِيَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَعَ إِذْنِ الْحَاكِمِ سَهْوٌ (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ هُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ إِذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَالدَّارِ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015