وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا عَنْ أَبِيهِمَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ؛ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ أَخِيهِ وَشَرِيكِ أَبِيهِ، وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أَوْ لِرَبِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسْلِيمِهِ، وَمِنْ شَأْنِ الْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ يُلْزِمُ فِي الْعَقَارِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَإِذَا وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا عَنْ أَبِيهِمَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ أَخِيهِ وَشَرِيكِ أَبِيهِ) لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَالَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَمَلَّكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الدَّاخِلِ عَلَى شُرَكَائِهِ بِسَبَبِ شَرِكَتِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ (وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ " الْعِلَلِ "، وَأَبُو بَكْرٍ، وَفِي إِسْنَادِهِمَا نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، وَنَائِلٌ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُخْتَصُّ بِهِ الْعَقَارُ، أَشْبَهَ الِاسْتِعْلَاءَ فِي الْبُنْيَانِ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: تَثْبُتُ؛ لِأَنَّهَا خِيَارٌ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالشِّرَاءِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ فِي مَعْنَى الْمُسْلِمِ، فَيَبْقَى فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّهَا إِذَا ثَبَتَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ مَعَ عِظَمِ حُرْمَتِهِ، فَلِأَنْ تَثْبُتَ عَلَى الذِّمِّيِّ مَعَ دَنَاءَتِهِ أَوْلَى، وَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِكَافِرٍ عَلَى مِثْلِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا كَالْمُسْلِمِينَ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَقِيلَ: لَا تَثْبُتُ لَهُمَا إِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا، فَإِنْ تَبَايَعَ كَافِرَانِ بِخَمْرٍ شِقْصًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الْأَصَحِّ كَخِنْزِيرٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: هَلْ هِيَ مَالٌ لَهُمْ؟ فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ.
وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَصْحَابِ الْبِدَعِ هَلْ لَهُمْ شُفْعَةٌ؟ وَذُكِرَ لَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلرَّافِضَةِ شُفْعَةٌ، فَضَحِكَ وَقَالَ: أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَثْبَتَهَا لَهُمْ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْغُلَاةِ مِنْهُمْ، فَأَمَّا الْغُلَاةُ