وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا إِلَّا بَنِي آدَمَ، وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ بِالْقَبْضِ، فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَأَنْ أُقْرِضَ دِينَارَيْنِ، ثُمَّ يَرُدَّانِ، ثُمَّ أُقْرِضُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِمَا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيجًا عَنْ غَيْرِهِ وَقَضَاءً لِحَاجَتِهِ فَكَانَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ كَالصَّدَقَةِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

قَالَ أَحْمَدُ: لَا إِثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ، فَلَمْ يُعظِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مُبَاحٌ لِلْمُقْتَرِضِ، وَلَيْسَ مَكْرُوهًا.

قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ الْقَرْضُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ أَيْ: لَا يُكْرَهُ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَلْيُعْلِمِ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ، وَلَا يَغُرُّهُ مِنْ نَفْسِهِ، إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ إِذَا اقْتَرَضَ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِحَالِهِ لَمْ يُعْجِبْنِي قَالَ: وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لِإِخْوَانِهِ.

تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَوَصْفِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَالْبَيْعِ وَحُكْمُهُ فِي الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ، كَمَا سَبَقَ وَيَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَبِلَفْظِ السَّلَفِ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِمَا وَبِكُلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهُمَا نَحْوَ مَلَّكْتُكَ هَذَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ، أَوْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ هِبَةٌ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِيهِ قَبْلَ قَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا) مَكِيلًا كَانَ، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ غَيْرَهُمَا؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا» ، وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ سَلَمًا يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَيُضْبَطُ بِالْوَصْفِ فَجَازَ قَرْضُهُ كَالْمَكِيلِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ لِكَوْنِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةُ سَلَمًا كَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ لَا يَجُوزُ وَكَقَرْضِ الْمَنَافِعِ (إِلَّا بَنِي آدَمَ، وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ: لَا يَصِحُّ فِيهِمَا أَمَّا بَنُو آدَمَ.

فَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ قَرْضَهُمْ فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهُمْ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015