الْمُمَيّزَ وَالسَّفِيهَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا، وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَاقِدِهِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ كَالْإِقْرَارِ (وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ) وَالْمُرَادُ بِهِ: الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الرَّشِيدُ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ طِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ وَلَا نَائِمٍ وَلَا مُبَرْسَمٍ، وَلَا شِرَاؤُهُ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ، سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَمْ لَا (إِلَّا الصَّبِيَّ الْمُمَيَّزَ وَالسَّفِيهَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] أَيِ: اخْتَبِرُوهُمْ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِتَفْوِيضِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِلَيْهِ، فَصَحَّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ، وَالسَّفِيهُ مِثْلُهُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا صَحَّ فِي الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرْنَا فَالسَّفِيهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ إِلَّا فِي عَدَمِ وَقْفِهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ جَوَازَ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ لِمَصْلَحَةٍ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ مِنْهُ حَتَّى يَبْلُغَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَشْبَهَ غَيْرَ الْمُمَيَّزِ، وَلِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى فَضَبَطَهُ الشَّارِعُ بِحَدٍّ، وَهُوَ الْبُلُوغُ، وَالسَّفِيهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِسُوءِ تَصَرُّفِهِ وَتَبْذِيرِهِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فَقَدْ أَذِنَ فِيمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ (وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) لِمَا ذَكَرْنَا (إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ) لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا خَوْفُ ضَيَاعِ مَا لَهُمَا بِتَصَرُّفِهِمَا وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْيَسِيرِ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ اشْتَرَى مِنْ صَبِيٍّ عُصْفُورًا وَأَطْلَقَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِ مُمَيَّزٍ وَنُفُوذِهِ بِلَا إِذْنِ وَلِيِّهِ وَإِبْرَائِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَطَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ، وَفِي قَبُولِهِمْ هِبَةً وَوَصِيَّةً بِلَا إِذْنٍ أَوْجُهٌ.
ثَالِثُهَا: يَجُوزُ مِنْ عَبْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ مُمَيَّزٍ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: إِنْ تَزَوَّجَ الصَّغِيرُ فَبَلَغَ أَبَاهُ فَأَجَازَهُ جَازَ، قَالَ جَمَاعَةٌ: ولو أجازه بَعْدَ رُشْدِهِ لَمْ يَجُزْ، وَعَنْهُ: لَا يَقِفُ، ذَكَرَهَا الْفَخْرُ.