بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الْبَيْعِ
؛ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ. وَلَهُ صُورَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: الْإِيجَابُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْبَيْعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] أَيْ: فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَمِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ رِفَاعَةُ «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُصَلَّى، فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنْ بَرَّ وَصَدَقَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَلَا يَبْذُلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ غَالِبًا، فَفِي تَجْوِيزِ الْبَيْعِ طَرِيقٌ إِلَى وُصُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى غَرَضِهِ، وَدَفْعِ حَاجَتِهِ.
وَهُوَ مَصْدَرُ: بَاعَ يَبِيعُ، بِمَعْنَى: مَلِكَ، وَبِمَعْنَى اشْتَرَى، وَكَذَا شَرَى يَكُونُ لِلْمَعْنَيَيْنِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ، وَغَيْرُهُ: بَاعَ وَأَبَاعَ بِمَعْنًى، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْبَاعِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَمُدُّ بَاعَهُ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَهِيَ غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ.
فَإِنْ أُجِيبَ بِالْتِزَامِ مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ بِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفِعْلِ، رُدَّ بِأَنَّهُ الْفِعْلُ الَّذِي مِنْهُ الْمَصْدَرُ لَا فِعْلَ مَصْدَرٍ آخَرَ، وَبِأَنَّ " الْبَاعَ " عَيْنُهُ وَاوٌ بِخِلَافِ " الْبَيْعِ "، فَإِنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ، وَشَرْطُ الِاشْتِقَاقِ مُوَافَقَةُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا مِنَ الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُلْحَظُ فِيهِ