كِتَابُ الْجِهَادِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتَطِيعٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجِهَادِ] [تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]
ِ وَهُوَ مَصْدَرُ جَاهَدَ جِهَادًا، وَمُجَاهَدَةً.
وَمُجَاهِدٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَجْهَدَ: إِذَا بَالَغَ فِي قتلِ عَدُوِّهِ حَسَبَ الطَّاقَةِ وَالْوُسْعِ. وَشَرْعًا: عِبَارَةٌ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ خَاصَّةً.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216] {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41] .
وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] الْآيَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَ بِلَا ضَرَرٍ غَيْرُ آثِمٍ مَعَ جِهَادِ غَيْرِهِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا قَامَ بِهِ مَنْ يَكْفِي، سَقَطَ عَنِ الْكُلِّ، فَيَجْعَلُ فِعْلَ الْبَعْضِ كَافِيًا فِي السُّقُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَنْ يَكْفِي، أَثِمَ الْكُلُّ كَفَرْضِ الْأَعْيَانِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي كَوْنِهِ مُخَاطَبًا، وَيَفْتَرِقَانِ فِيمَا ذَكَرْنَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَرْضُ عَيْنٍ، لِعُمُومِ الْآيَاتِ، وَالْقَاعِدُونَ كَانُوا حُرَّاسًا لِلْمَدِينَةِ، وَهُوَ نَوْعُ جِهَادٍ، وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَاهُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ إِلَى النَّوَاحِي،