بالرغم من أنه فرض لكل شخص في بيت المال حتى الأطفال، فلم تكن حاجة الغير إلى فضول أموال الأغنياء هي التي تدعو عمر إلى القول برد هذه الفضول للفقراء، وإنما رأى عمر أن ثروات الأغنياء تضخمت وخشي عليهم الترف والبطر، وخشي على الفقراء الحسد والفتنة، فود لو حسم الأمر كله برد فضول أموال الأغنياء على الفقراء، ولو طال عمره وفعل هذا لتغير تاريخ الإسلام.

وحاجة الغير لفضول الأموال لا تتحدد فقط بما يكفي حاجة الأفراد متفرقين، وإنما تتحدد أيضًا بما يكف حاجتهم مجتمعين، أو بتعبير آخر تتحدد الحاجة إلى فضول الأموال بما يسد حاجة الجماعة بعد حاجة الأفراد، وحاجات الجماعة لا تنتهي ولا حد لإشباعها، فكلما تقدمت الجماعة وقويت زادت حاجتها إلى التقدم والقوة لتحتفظ بمكانتها بين الجماعات، وكلما أقامت الجماعة أمر الله تجددت حاجتها إلى إقامة أمر الله لمواجهة المستحدث من الفساد والعصيان.

وإذن ففضول الأموال رهن بما يسد حاجة الأفراد وحاجة الجماعة فليس لمن في يدهم هذه الفضول أن ينفقوا منها شيئًا على أنفسهم وإلا كانوا آخذين غير حقهم وليس لهم أن ينفقوا منها تطوعًا إلا بعد أن يأخذ الأفراد والجماعة ما يجب لهم فيها، ولو أن إنفاق

التطوع يعود على الغير بالنفع ذلك أن صدقة التطوع تترك لمشيئة المتطوع، يوزعها كيف يشاء، أما إنفاق الفريضة فيجب أن يصيب من لهم الحق في المال دون غيرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015