وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: 24]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 3]. وإذا لم يكن ثمة من يرزق غير الله فعلى البشر أن يطلبوا الرزق من الله وحده، وأن يبتغوه عنده {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17]، فهو الرازق القوي على خلق الرزق وإيصاله للمرزوقين {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58].
فملك الله مسخر لمنفعة البشر، ولهم جميعًا أن ينتفعوا به ويستغلوه ويستثمروه ويعملوا فيه، والله مؤتيهم ثمرات الملك وغلته وأجورهم رزقًا من عنده، وما لرزقه من نفاد، وما جعل الله هذا كله إلا نعمة منه على البشر، ما يعود عليه من نفع، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا.
ولقد علمنا فيما سبق أن ما في أيدي البشر من ملك الله وثمراته إنما هو عارية ينتفع بها البشر، وأن القيام على العارية في فقه البشر نيابة وإن كانت نيابة العبد عن ربه والمملوك عن ماله، كذلك علمنا أن مركز المستخلفين في الأرض هو مركز الخليفة أو النائب، وأن الخلافة أو النيابة هي عن الله - جَلَّ شَأْنُهُ -، وهي قائمة في حدود ما سخر الله للبشر من مخلوقاته، وما سلطهم عليه من ملكه، وما خولهم في ذلك كله من الاستغلال والانتفاع.
واذا كان الله - جَلَّ شَأْنُهُ - وهو مالك كل شيء قد سخر ما يملك لينتفع به عامة البشر الذين استخلفهم في الأرض، فإنه - جَلَّ شَأْنُهُ - هو الذي يمنح كل فرد منهم ما في يده من هذا