مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} وأمر بأن يقول لأزواجه {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} وهذه سنة الله فيمن يختاره لهذا الأمر العظيم، ومن يرشح نفسه ويمنيها بهذا المنصب الخطير، ولن تجد لسنة الله تحويلاً1.
ومن أبرز سمات الدعوة التي يقوم بها الأنبياء وخلفاءهم أنها تقوم على الإيمان بالآخرة والتحذير من عقابها والترغيب في نعمائها وثوابها ويكون مناط العمل فيها الإيمان والاحتساب والآخرة والثواب، لا على الإغراء بالفوائد الدنيوية والجاه والمنصب والمال والملك فإنه أساس ضعيف منهار ولا يتفق مع طبيعة دعوات الأنبياء، والمساومة فيه سهلة، وقد يملك أعدائهم وخصومهم والقادة السياسيون مثله أو أكثر منه، ومن رضع بلبان هذه المطامع لم يمكن فطامه عنها، ولا يصح الاعتماد عليه، وإنما يبنون دعوتهم على رضى الله وثوابه وما أعده لعباده المؤمنين وما وعدهم به على لسان أنبياءه، من نعيم لا يزول ولا يحول والصحف السماوية ـ غير صحف العهد القديم التوراة ـ2 مملوءة بالحديث عن الآخرة والاهتمام بها والبناء عليها وقد جعل الإسلام والإيمان بها عقيدة أساسية شرطاً لصحة الإيمان والنجاة وقد جاء في القرآن صريحاً {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} .
وهنا أستعير لنفسي من نفسي ما قلته في إحدى المحاضرات التي ألقيتها في هذه الجامعة العزيزة سنة 1382 هـ تحت عنوان)) النبوة والأنبياء في ضوء القرآن ((وأختم به هذا الحديث مؤملاً في أن تكون هذه السمات التي تحدثت عنها شعار الدعوة التي يقوم بها الدعاة المتخرجون من هذه الجامعة أو القائمون بأعبائها في كل ناحية من نواحي العالم الإسلامي، قلت وأنا أتحدث عن الفرق بين منهج الدعوات النبوية وبين الدعوات الإصلاحية.
ولم تكن دعوة الأنبياء إلى الإيمان بالآخرة أو الإشادة بها كضرورة خلقية أو كحاجة إصلاحية لا يقوم بغيرها مجتمع فاضل ومدنية صالحة فضلاً عن المجتمع الإسلامي. وهذا وإن كان