حق التشريع للإنسان، وأن ذلك وحده هو عبادة الطاغوت والشرك وأن الوثنية الأولى وعبادة غير الله قد فقدت أهميتها، وإنما كانت لها الأهمية في العصر القديم العصر البدائي، وأنه لا يقبل عليها الآن الرجل الجاهل الذي لا ثقافة له، ففضلاً عن أن هذه الوثنية والشرك الجلي لا يزال له شيوع وانتشار، ودولة وصولة يجربه كل إنسان في كل زمان ومكان، فإنها الغاية الأولى التي بعث لها الأنبياء وأنزلت لها الكتب السماوية، وقامت لها سوق الجنة والنار، وكانت دعوة جميع الأنبياء تنطلق من هذه النقطة، وكانت جهودهم مركزة على محاربة هذه الجاهلية والقرآن مملوء بذلك بحيث لا يقبل تأويلاً 1.

وإن كل ما يقال من أهمية محاربة الشرك الجلي وعبادة غير الله سواء أكانوا أشخاصاً أو أرواحاً، أو ضرائح ومشاهد، والعناية بمحاربة النظم والتشريعات والحكومات فحسب إحباط لجهود الأنبياء واتجاه بهذا الدين عن منهجه القديم السماوي إلى المنهج الجديد السياسي وهو تحريف لا محالة هذا من غير أن أقلل من قيمة التركيز على أن التشريع لله وحده، وله الحكم والأمر وحده وأن من يدعو إلى طاعة نفسه الطاعة المطلقة العمياء منافس للرب وطاغوت، وأنه يجب أن يدعى إلى التشريع الإلهي وإلى إقامة الحكم الإسلامي القائم على منهاج الكتاب والسنة ومنهاج الخلافة الراشدة وأن لا يدخر سعي في ذلك على حساب الدعوة إلى التوحيد والدين الخالص ومحاربة الوثنية والشرك، فإنها لا تزال في الدرجة الأولى وهي أكثر انتشاراً، وأعظم خطراً في الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} وقد قال {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} ..

أما ما يتصل بصفات العاملين في مجال الدعوة الإسلامية وجنود الدعوة إلى الله، فإني أركز في هذا الحديث على نقطة واحدة، وهو يجب أن يكون الدعاة يمتازون عن الدهماء والجماهير، ودعاة النظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015