وكم على كلِّ شجرةٍ من أوراقٍ، وما من ورقةٍ في البراري والقفار، والحقول والحدائق والجبال تسقط إلا وعلم الله تعالى محيطٌ بها، وما ممن حبَّةٍ تندثر في تراب الأرض فتنبتُ، أو نبتةٌ تصفرُّ وتذوي وتموت إلا وعلم الله محيطٌ بها، وكلُّ ذلك مدوَّنٌ في كتابٍ مبينٍ، وهو اللوح المحفوظ.
2 - الله تعالى يتوفانا بالليل ويعلم ما جرحنا في النهار:
أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى - أنَّه يتوفانا بالليل، ويعلم ما جرحنا بالنَّهار، قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار} [الأنعام: 60] وتوفِّيه لنا في الليل، أي: بالنوم، لأنَّه يقبض سبحانه أرواحنا عن التصرف بالنوم، وهذا التوفي هو التوفي الأصغر، قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجلَّ مُسَمًّى} [الزمر: 42].
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار} أي: ما كسبتموه بجوارحكم من الخير والشر. وقوله تعالى: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} أي: يوقظكم في النهار من منامكم. وقوله: {لِيُقْضَى أَجلَّ مُسَمًّى} أي: ليقضي الله الأجل الذي سمَّاه لحياتكم، وذلك بالموت. وقوله: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} أي: إلى الله مصيركم ومعادكم، {ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: يخبركم في يوم الدين بما عملتموه في الحياة الدنيا، ثم يحاسبكم، ويجزيكم عمَّا عملتموه.