موطننا الذي نعيش فيه، وقد جعل الله تعالى فيها الآيات البينات والحجج الظاهرات، ففيها الجبال والسهول والأنهار والبحار، وجعل الله فيها الحيوان والطيور والنبات، والسماء مخلوقٌ أعظم من الأرض، ونحن نشاهد شمسها وقمرها ونجومها، وحدَّثنا ربُّنا أنها سبعٌ، وهي مسكن الملائكة، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1].
وذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد بالظلمات ظلمات الليل، والمراد بالنور نور النهار.
وقد ذمَّ الله تبارك وتعالى في خاتمة الآية الأولى الكفار بكونهم يعدلون أصنامهم وأوثانهم وآلهتهم بالله ربِّ العالمين، {الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}. وهؤلاء الكفرة ضالُّون جاهلون إذ يسوُّون آلهتهم المخلوقة المربوبة الآفلة الضعيفة بالله ربِّ العالمين الذي خلق السموات والأرضين، وجعل الظلمات والنور، ومعنى {يَعْدِلُونَ} أي: يسوُّون آلهتهم بالله تعالى.
وقد نبهنا الإمام مجاهدٌ رحمه الله تعالى إلى أنَّ الآية الأولى من سورة الأنعام تردٌّ على ثلاثة أديانٍ، فقد أخرج أبو الشيخ من طرق عن مجاهد، قال: «في هذه الآية ردٌّ على ثلاثة أديان: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فيها ردٌّ على الدهرية، {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} ردٌّ على المجوس الذين زعموا أنَّ النور والظلمة هما المدبِّران {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} فيه ردٌّ على مشركي العرب ومن دعا من دون الله إلهًا» [الإكليل، للسيوطي: ص 117].