وفي كلِّ شيءٍ لَهُ آيةٌ. . . تدلُّ على أنَّه واحدُ
وقد أخبرنا أنَّ الذي يدركُ هذه الآياتِ الدالةِ على بديعِ صنع الله هم أولو الألباب، أي: أصحابُ العقول الزاكية الوافية، أمَّا الكفرة الفجرة فإنهم يمرون على هذه الآيات، ولا يعتبرون بها، ولا يتعظون {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105].
وأخبرنا ربُّنا - سبحانه - أنَّ أولي الألباب هم {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ويقولون: {ربُّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} [آل عمران: 191].
فأصحاب العقول الزاكية الوافية يدركون آيات الله التي بثَّها في الكون، ويشغلون ألسنتهم بذكر الله من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير في كل أحوالهم، فالإنسان في دنياه إمَّا أن يكون قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا، وهم يذكرون الله في هذه الأحوال الثلاث، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103].
ومع إدراك أولي الألباب لآيات الكون، وذكرهم لله بألسنتهم، يتفكرون في خلق السموات والأرض فينظرونَ {إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]. وانظر إلى ما أمرنا الله سبحانه بالنظر إلى السموات والأرض لنتعرف على آياته في قوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا