أي: يقولون: يا رَبَّنا لا تؤاخذنا إن نسينا شيئًا مما فرضته علينا، كالذي ينسى صلاةً، أو ركعةً من الصلاة، أو طوافًا بالبيت أو شوطًا في السعي، أو نحو ذلك، ولا تؤاخذنا إن أخطأنا، كالذي لا يهتدي إلى وجه الصواب فيما كلف به من أعمال، دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بهذا الدعاء فقال الله: «نعم» أي: لا أؤاخذكم بذلك، ومن دعائهم قولهم: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} أي: «لا تحمل علينا إصرًا يثقلُ علينا كما حملته على الذين من قبلنا، نحو أمر نبي إسرائيل بقتل أنفسهم، أي: لا تمتحنا بما يثقل» [معاني القرآن، للزجاج: 1/ 371] والإصر: الأثقال التي تثبط عن الخيرات.

وقد أخبرنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ربَّنا استجابَ دعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم - ودعاء أصحابه، فلم يحمل علينا الآصار والأغلال التي حملها على الذين من قبلنا، ودعوا ربهم أن لا يحملهم ما لا طاقة لهم به، ودعوه أن يعفو عنهم ويغفر لهم، وقالوا في ختام هذا الدعاء الطيب المبارك: {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} أي: ناصرنا، ومتولي أمورنا، فانصرنا على الكفرة المشركين الذين رفضوا دينك، وأعرضوا عن كتباك، وحاربوا رسولك.

وقد جاءت أحاديث كثيرة تدلُّ على ما تضمنته هاتان الآيتان الكريمتان، من صفة التكاليف التي كلف الله بها عباده:

أ - فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به» [مسلم: 127].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015