4 - لا يشفع في يوم القيامِ أحدٌ عنده إلا بإذنه، فحتى تقبل الشفاعة لا بدَّ أن يرضى الله عن الذي يشفع، ولا بد أن يرضى عن المشفوع له، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}.
وأخبرنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أن نبي الله إبراهيم عليه السَّلام يشفع عند الله في أبيه عندما يلقاه في عرصات القيامة، فلا تقبل شفاعته فيه، روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَلقى إبراهيم أباه آزرَ يوم القيامة، وعلى وجه آزرَ قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك.
فيقول إبراهيم: يا ربِّ إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون، فأي خزيٍ أخزى من أبي الأبعد؟ يقول الله تعالى: إني حرَّمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجلَّيك؟ فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ، فيؤخذ بقوائمه، فيلقى في النار» [البخاري: 3350]. والذيخُ: الضبع الذَّكر الملتطخ بالنتن.
فالله لا يقبل شفاعة إبراهيم في أبيه الكافر يوم القيامة، ويمسخه الله في ذلك اليوم ضبعًا، حتى لا يخزى به إبراهيم، فيؤخذ من قوائمه، ويلقى به في النار.
5 - يعلم الله ما بين أيدي مخلوقاته وما خلفهم، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أي: يعلم ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، ومن هؤلاء الملائكة الذين قالوا: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].