أَيْمَانِهِمْ} أي: بحلفهم أغلظ الأيمان, وقد ردَّ الله تعالى عليهم قولهم هذا بقوله: {بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} أي: بلى, أي سيبعث الله كلَّ من يموت, وبعث الناس يوم القيامة وعد على الله, لا بدَّ منه, {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أي: لا يعلمون أنَّ بعث العباد أمر يسير على الله, لا يعجزه من ذلك شيءٌ.
ثم بيَّن ربُّ العزَّة سبحانه الغرض من بعث العباد, فقال سبحانه: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} [النحل: 39] أي: ليبين الله تعالى لعباده ما كانوا يختلفون فيه في الحياة الدنيا, وأعظمه اختلافهم في التوحيد, واختلافهم فيما كانوا يعبدونه من دون الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} أي: وليعلم الذين كفروا أنهم كاذبين فيما أقسموا عليه أنَّ الله تعالى لا يبعث من يموت, ولذلك فإنَّ زبانية النار تقول لهؤلاء المكذبين بالبعث والنشور, وهي تدعُّهم إلى النار: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون} [الطور: 14 - 16].
ثم بيَّن لنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّ أمر بعث العباد في يوم المعاد سهل يسير عليه سبحانه, {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فالله - تبارك وتعالى - إذ أراد أن يخلق شيئًا, فإنما يقول له: كن, فيكون كما أراده الله تبارك وتعالى, فالله لا يعجزه شيءٌ, وليس هناك شيءٌ يأمره الله فيرفض, ولا يطيع.