والنخيل والزيتون والرمان, وليس المراد به الزكاة, فهذه الآية مكَّيةٌ, ولم تكن الزكاة قد فرضت بعد, ولو كانت الآية في شأن الزكاة لما أمر فيها بإخراج نصيبٍ من بساتين الرُّمان, فإنَّ الرمَّان لا زكاة فيه, وكذا لا يصحُّ الاحتجاج بالآية على وجوب إخراج الزكاة من الزيتون, ومما يدل على أنَّ الآية ليست في الزكاة أن الزكاة لا تؤدَّى في يوم الحصاد.
وقوله: {وَلَا تُسْرِفُو} نهيٌ عن إخراج ربِّ المال ما يضرُّ به, وبمن يتولَّى الإنفاق عليه من الذُّريَّة والزوجة وغيرهم, وعلَّل النهي عن الإسراف بأنه {لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
2 - امتنانُ الله علينا بما خلقه لنا من الأنعام:
أعلمنا ربُّنا - تبارك وتعالى - في الآية السابقة أنَّه أنشأ جناتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ, ثم عطف عليها الآية التالية وهي قوله سبحانه: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأنعام: 142]. أي: وهو الذي أنشأ جناتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ, وأنشأ حمولةً وفرشاً من الأنعام, فالله - سبحانه - هو الذي رزقنا أنواع الحبوب والأشجار وأنواع الأنعام, والحمولة: الإبل الكبار التي يرُكب عليها, ويُحمل عليها, والفرش الصغار من الإبل, والبقر والضأن والمعز مما لا يُحمل عليه, سمَّى صغار الإبل والغنم والبقر فرشاً لقربها من الأرض, فهي كالفرش, وقيل: الفرش ما يفرش على الأرض حين الذبح, وقال ربُّ العزَّة في الحمولة من الإبل التي يحمل عليها الأثقال: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى