الظروف الجوية عندنا. والمشاهد ان هذه النباتات لا يصيبها في مواطنها الأصلية هذا النوع من التلف، فهي تتحمل برد الشتاء، وتزهر بعد انتهائه عندما يكون الخطر الذي يتهددها قد زال، وبرغم ان جميع هذه الانواع مما ينمو في المناطق المعتدل، فان لكل صنف من أصنافها ظروفه الخاصة التي تلائمه، وهو لا يمكن ان يتأقلم في مكان آخر الا بعد أجيال تنقضي في عمليات الانتقاء والتربية.

ومن ذلك نرى ان جميع النباتات والحيوانات لم تخلق لكي تعيش في بيئة ثابتة محددة الأوصاف، بل ان لديها من الاستعدادات ما يجعلها قادرة على مسايرة الأجواء والظروف الاخرى في حالة الضرورة والاضطرار. وتعنى دراسة الوراثة بمعرفة مدى استعداد الحيوانات والنباتات المختلفة لهذه الملاءمة. وقد شغفت بهذا النوع من الدراسة بسبب ما قمت به منذ صباي من تجارب على زراعة بادرات البرقوق ودراسة التحولات التي تطرأ عليها، كما كان عندي شغف بدراسة الحشرات المختلفة وبخاصة ما يقوم منها بعملية التلقيح، مثل النحل والنمل والذباب وغيرها. ولقد كنت أتساءل دائما في قرارة نفسي كيف تم هذا التوافق العجيب بين الازهار والحشرات التي تقوم بتلقيحها؟ وهيأت لي قراءة ذلك الكتاب الرائع الذي ألفه هنري فابر عن عجائب الغرائز في الحشرات وحياتها الاجتماعية المعقدة دليلا على ما يسود هذا الكون من نظام محكم وتدبير عظيم.

وقد كان يخيل إلى كانما توجد قوة أخرى في هذا الكون تعمل في اتجاه عكسي وتمنع – او على الأقل تحول – دون استفادة الانسان فائدة كاملة من النباتات والحيوانات. فهنالك مثلا كثير من النمل وقليل من النحل مما ينجم عنه ضعف في محصولاتنا، كما نلاحظ ان التربة يتناقض خصبها تدريجيا ومع ذلك فانها تنتج كثيرا من العشب القوي. فلماذا يحدث كل ذلك؟ ان الطبيعة لم تعطنا الإجابة عن هذا السؤال، ولكني عثرت على هذه الاجابة في الكتاب المقدس: انه غضب الله ينزل بالتربة وبالطبيعة بسبب اخطاء الناس، ومع ذلك فلا يزال هنالك من الخير في كثير من المخلوقات ما يسمح بظهور قدرة الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015