بدقة وأن يتأمل في الغابات والحقول، عندئذ سوف يجد أن ما كان يعده طبيعياً ليس إلا إعجازاً إلهياً يعلو فوق مستوى البشر وتعجز عن إدراكه كنهه، وهنا لا سبيل إلا إلى الإيمان بالله وبقدرته وجلاله.

ويقول كارل هايم في كتابه (المسيحية والعلوم الطبيعية) :

(إن عجائب الكون لا تسمح بالإيمان فحسب بل تدعو الناس إلى هذا الإيمان. وإن الاستدلال بالكون على وجود الله قد عاد إلى الظهور من جديد في عصر النهضة والتفكير العقلي بسبب انهيار النظرية الآلية في تفسير الكون بعد أن كادت هذه النظرية تقضي على هذا النوع من الاستدلال) .

وإنني أكتب هذا المقال من وجهة نظري متخصصاً في بحوث الغابات ومهتما بدراسة علم البيئة وفسيولوجيا النباتات لكي أظهر جانباً مما للغابات من أدلة على وجود الله.

تجدد تربة الغابات:

تظهر في جبال أديرو نداك رمال عميقة يرجع أصلها إلى ما اكتسحته أنهر الجليد في سابق الأزمان. والتربة في هذه الأماكن ضعيفة بسبب نقص العناصر الغذائية وبخاصة عنصر البوتاسيوم الذي تجرفه المياه بمجرد تكونه نتيجة لتحليل المواد العضوية، ولا يتبقى من هذا العنصر إلا ما يدخل في تركيب المواد العضوية ذاتها. ولقد كانت تنمو على هذه السهول الرملية غابات من أشجار التنوب الفضي spruce والصنوبر والشوكران hemlock، ولكن سهولة طبيعة الأرض فوق هذه السهول أغرت باقتلاع هذه الأشجار وزراعة الأرض. وبعد انقضاء مائة عام زرعت الأرض في أثنائها زراعة عنيفة استنزفت عناصر التربة وأضعفت خصوبتها إلى حد كبير، ولذلك شرع في زراعتها بأشجار الغابات من جديد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015