جميع ما حققه الانسان من نصر وما بناه من صروح المدنية تحت أنقاض هذا الكون. ان هذه الامور جميعا حقائق لا تقوى فلسفة من الفلسفات على انكارها) .

ولكن العلماء ليسوا جميعا ممن يعتقدون في قدرة العلوم على كل شيء حتى تستطيع ان تجد تفسيرا لكل شيء، فالعلوم لا تستطيع ان تحلل الحق والجمال والسعادة، كما انها عاجزة عن ان تجد تفسيرا لظاهرة الحياة او وسيلة لإدراك غايتها، بل ان العلوم أشد عجزا عن أن تثبت عدم وجوده.

ان العلوم مهتمة بتحسين نظرياتها، وهي تحاول ان تكشف عن كنه الحقيقة، ولكنها كلما اقتربت من هذين الهدفين زاد بعدها عنهما. ان فكرتنا عن هذا الكون قائمة على أساس حواسنا القاصرة وعلى استخدام ما لدينا من الأدوات غير الدقيقة نسبيا. ويقول العالم الطبيعي والكاتب اللامع (أوليفر وندل) في هذه المناسبة: (كلما تقدمت العلوم ضاقت بينها وبين الدين شقة الخلاف، فالفهم الحقيقي للعلوم يدعو إلى زيادة الايمان بالله) .

ان العلوم لا تستطيع ان تفسر لنا كيف نشأت تلك الدقائق الصغيرة المتناهية في صغرها والتي لا يحصيها عد، وهي التي تتكون منها جميع المواد، كما لا تستطيع العلوم ان تفسر لنا بالاعتماد على فكرة المصادفة وحدها كيف تتجمع هذه الدقائق الصغيرة لكي تكون الحياة. ولاشك ان النظرية التي تدعي ان جميع صور الحياة الراقية قد وصلت إلى حالتها الراهنة من الرقي بسبب حدوث بعض الطفرات العشوائية والتجمعات والهجائن، نقول ان هذه النظرية لا يمكن الأخذ بها الا عن طريق التسليم، فهي لا تقوم على أساس المنطق والاقناع.

حقيقة ان العلوم تقوم على اساس الايمان بالحواس والوسائل، وليس على اساس الايمان بالسلطة والاحتمالات او المصادفة. وعلى ذلك فاننا نستطيع ان نقول بان العلوم والدين يقومان على اساس مشترك هو الايمان. والفرق بينهما هو ان العلوم تستطيع داخل دائرتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015