ان كل هذا التوافق العجيب قد تم بمحض المصادفة، انه لا بد ان يكون نتيجة توجيه محكم احتاج إلى قدرة وتدبير.
ونستطيع ان نلمح ادلة أخرى على وجود الله وقدرته في تلك الحالات العديدة التي حاول الانسان فيها ان يتدخل في توازن الطبيعة او يعمل على تعديله.
فمثلا عندما نزل المهاجرون الأولون أستراليا، لم يكن هنالك من الثدييات المشيمية الا الدنجو، وهو كلب بري. ولما كان هؤلاء المهاجرون قد نزحوا من أوربا، فقد تذكروا ما كان يهيئه لهم صيد الارانب من فرصة طيبة لممارسة الصيد والرياضة. وفي محاولة لتحسين الطبيعة في أستراليا استورد توماس اوستين نحو اثني عشر زوجا من الأرانب وأطلقها هنالك، وكان ذلك في نسة 1859. ولم يكن لهذه الأرانب اعداء طبيعيون في أستراليا ولذلك فقد تكاثرت بصورة مذهلة، وزاد عددها زيادة كبيرة فوق ما كان ينتظر، وكانت النتيجة سيئة للغاية.
فقد احدثت الأرانب اضرارا بالغة بتلك البلاد حيث قضت على الحشائش والمراعي التي ترعاها الأغنام. وقد بذلت محاولات عديدة للسيطرة على الأرانب، وبنيت أسوار عبر القارة في كوينزلاند بلغ امتدادها 7000 ميل، ومع ذلك تثبت عدم فائدتها. فقد استطاعت الأرانب ان تتخطاها. ثم استخدم نوع من الطعم السام، ولكن هذه المحاولة باءت هي الأخرى بالفشل. ولم يمكن الوصول إلى حل الا في السنوات الأخيرة، وكان ذلك باستخدام فيروس خاص يسبب مرضا قتالا لهذه الأرانب هو مرض الحرض المخاطي. وقد لا يكون هذا هو الحل الاخير، فقد اخذنا نسمع أخيرا عن ظهور ارانب حصينة لديها مقاومة كبيرة لهذا المرض في أستراليا. ومع ذلك فقد أدى انخفاض عدد الأرانب هنالك إلى منافع جمة، وتحولت مناطق البراري القاحلة والجبال المقفرة التي بقيت مجدبة عشرات السنين إلى مروج خضر يانعة. وقد ترتب على ذلك زيادة في الايراد من صناعة الأغنام وحدها قدرت في سنة 1952 – سنة 1953 بما يبلغ 84 مليون جنية.