يقل احد بان الله مادة حتى نستطيع ان نصل اليه بالطرق المادية. ولكننا نستطيع ان نتحقق من وجود الله باستخدام العقل والاستنباط ما نتعلمه ونراه، فالمنطق الذي نستطيع ان ناخذ به، والذي لا يمكن ان يتطرق اليه الشك، هو انه ليس هنالك شيء، مادي يستطيع ان يخلق نفسه.
واذا سلمنا بقدرة الكون على خلق نفسه، فاننا بذلك نصف الكون بالألوهية. ومعنى ذلك ان نعترف بوجود إله، ولكننا نعتبره إلها ماديا وروحيا في نفس الوقت. وانا افضل ان أؤمن بإله غير مادي خالق لهذا الكون تظهر في آياته وتتجلى فيه أياديه، دون أن يكون هذا الكون كفواً له.
وأحب ان أضيف إلى هذا الاستدلال، استدلالا آخر: وهو انه كلما ارتقى وتقدم تطور المخلوقات، كان ذلك أشد دلالة على وجود خالق مدبر وراء هذا الخلق.
ان التطور الذي تكشف عنه العلوم في هذا الكون، هو ذاته شاهد على وجود الله. فمن جزئيات بسيطة ليس لها صورة معينة وليس بينها فراغ نشأت ملايين من الكواكب والنجوم والعوالم المختلفة لها صور معينة وأعمار محددة تخضع لقوانين ثابتة يعجز العقل البشري عن الاحاطة بمدى ابداعها. وقد تحملت كل ذرة من ذرات هذا الكون، بل كل ما دون الذرة مما لا يدركه حس ولا يتصور صغره عقل، قوانينها وسننها وما ينبغي لها أن تقوم به او تخضع له.
هذه أدلة كافية، ولكن هنالك ما هو أشد إعجازا وأكثر دلالة على وجود الله. فمن تلك الجزئيات البسيطة لم تنشأ النجوم والكواكب فحسب، بل نشأت كذلك أنواع متطورة من الأحياء، بل كائنات تستطيع ان تفكر وتبتكر وتخلق اشياء جميلة، بل هي تبحث عن أسرار الحياة والوجود. ان كل ذرة من ذرات هذا الكون تشهد بوجود الله، وإنها تدل على وجوده حتى دون حاجة إلى الاستدلال بان الاشياء المادية تعجز عن خلق نفسها.