الاخيرة، بما في ذلك الكيمياء، قد حدثت بسبب استخدام الطريقة العلمية في المادة والطاقة. وعند استخدام هذه الطريقة نبذل كل الجهود للتخلص من كل احتمال من الاحتمالات الممكنة التي تجعل النتيجة التي ن صل اليها راجعة إلى محض المصادفة. وقد أثبتت جميع الدراسات العلمية بصورة ثبتت في الماضي ولا تزال ثابتة في الحاضر ان سلوك اي جزيء من أجزاء المادة مهما صغر أو تضاءل حجمه، لا يمكن ان يكون سلوكا عشوائيا، بل انه على نقيض ذلك يخضع لقوانين طبيعية محددة.
وفي كثير من الأحيان يتم اكتشاف القانون قبل اكتشاف أسبابه أو فهم طريقة عمله بفترة طويلة من الزمن، ولكن بمجرد معرفة القانون وتحديد الظروف التي يعمل في ظلها، يثق الكيماويون في كل الثقة. ويظل القانون عاملا ومؤدياً إلى نفس النتائج. وليس من المعقول ان يكون لدى الكيماويين كل هذه الثقة في القوانين الطبيعية لو ان سلوك المادة والطاقة كان من النوع العشوائي الذي تتحكم فيه المصادفة. وعندما يتم أخيرا ادراك الأسباب التي تجعل هذا القانون الطبيعي عاملا وتفسر لنا حقيقته، فان أي أثر لفكرة العشوائية أو المصادفة في سلوك المادة أو الطاقة سوف يندثر اندثارا تاماً.
ومنذ مائة سنة تقريبا رتب العالم الروسي مانداليف العناصر الكيماوية تبعا لتزايد اوزانها الذرية ترتيبا دوريا. وقد وجد ان العناصر التي تقع في قسم واحد تؤلف فصيلة واحدة ويكون لها خواص متشابهة، فهل يمكن ارجاع ذلك إلى مجرد المصادفة؟
وكذلك تمكن العلماء بفضل هذا الترتيب ان يتنبأوا بوجود عناصر لم يكن البشر قد توصلوا اليها بعد، بل أمكن التنبؤ بخواص هذه العناصر المجهولة وتحديدها تحديدا دقيقا، ثم صدقن نبواءتهم في جميع الحالات، فاكتشف العناصر المجهولة وجاءت صفاتها مطابقة كل المطابقة للصفات التي توقعوها. فهل يبقى بعد ذلك مكان للاعتقاد في ان أمور هذا الكون تجري على أساس المصادفة؟ ان اكتشاف مانداليف لا يطلق عليه اسم المصادفة الدورية ولكنه يسمى (القانون الدوري) !