الأمر كذلك فان حرية هذه الحيوانات محدودة، ومعنى ذلك ان طبيعة الحيوان هي التي تجعله يحافظ على جسمه فلا يتلفه او يعرضه لاذى الا في سبيل الدفاع عن نفسه او نوعه. ويلاحظ انه في العلاقات التي تقوم بين الأنواع المختلفة من الحيوانات او بين افراد النوع الواحد يكون قانون الغابة الذي يرى ان (القوة هي الحق) هو السائد. وهذا القانون هو الذي يحكم الحيوانات ابتداء من القرود فما دونها. أما الكائنات التي تعيش معيشة اجتماعية فتخضع لنوع من الحكم المستبد. والخلاصة هي ان هنالك قوانين للسلوك تتبعها الحيوانات التي هي دون الانسان ولا تجد عنها محيدا. ويدل تاريخ الانسان على ان سلوكه يخضع للقانون الطبيعي الذي تخضع له الحيوانات ولكنه يتأثر فوق ذلك بعوامل أخرى اضافية، فمن ذلك اولا شعوره بالرهبة من المجهول، ومن ذلك ثانيا شعوره بالإثم او بالواجب (الضمير) ، ومن ذلك ثالثا الحكم بان القوة التي تسبب الرهبة تستنكر الأعمال او القرارات التي يتسبب عنها الشعور بالإثم.

وعلى ذلك فانه يلاحظ ان سلسلة من الأسباب تبدأ من العالم المادي آلي الحيوانات الدنيا، ثم تنتهي آلي الحيوانات العليا التي يقع الانسان في قمتها. وقد أدى ذلك آلي ما نشاهده من امتياز الانسان بدرجة اكبر من حرية الأختيار، وهذه بدورها أدت آلي زيادة سيطرته على بيئته ونفسه. وقد ترتب على هذه الحرية شعور الانسان بالخطأ او الصواب، أو قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب.

فماذا عسى أن يكون مصدر هذه السلسلة السببية؟ هل نشأت عن غير شيء؟ ام حدثت نتيجة للمصادفة ان الأخذ بهذا الرأي يعد أشد سخافة وأكثر حمقا من القول بان الانسان يستطيع ان يحصل على صورة رائعة للعالم عندما يسكب زجاجة من الماء على الأرض. وليس من العجيب ان نجد ان قانون السببية الذي يعد أساسيا في فهم ظواهر الكون المادي، والذي يتحكم في النباتات والحيوان، والذي يتكون العقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015