وأثرت هذه الحادثة في نفسي تأثيرا عميقا، وقلت في نفسي: لو ان هذه السيدة وضعت أملها في الله ما ضيعها وما انهارت ولما حدث لها ما حدث. وبرغم انني كنت أؤمن بالله خالق كل شيء بحكم اشتغالي بالعلوم الطبية، فانني كنت أفضل بين معلوماتي الطبية والمادية وبين اعتقادي في وجود الله كما لو لم تكن هنالك صلة بين هذين الأمرين.
ولكن هل يوجد ما يدعو إلى هذا الانفصال بين هاتين الناحيتين؟ ها هي ذي السيدة العجوز التي تم لها الشفاء وسلامة الجسد فقدت روحها ونظرة التفاؤل إلى الحياة. لقد عقدت كل آمالها حول ابنتها الوحيدة، وعندما خلت بها ابنتها انهارت آمالها فواجهت الموت بدلا من أن تواجه الحياة. ولقد صدق عيسى عند ما قال: (كيف ينتفع الانسان بهذه الدنيا اذا ملكها كلها وفقد روحه) .
لقد أيقنت ان العلاج الحقيقي لابد ان يشمل الروح والجسم معا، وفي وقت واحد، وأدركت ان من واجبي ان اطبق معلوماتي الطبية والجراحية إلى جانب ايماني بالله وعلمي به، ولقد أقمت كلتا الناحيتين على أساس قويم. بهذه الطريقة وحدها استطعت ان اقدم لمرضاي العلاج الكامل الذي يحتاجون اليه. ولقد وجدت بعد تدبر عميق ان معلوماتي الطبية وعقيدتي في الله هم الأساس الذي ينبغي ان تقوم عليه الفلسفة الطبية الحديثة.
والواقع ان النتيجة التي وصلت اليها تتفق كل الاتفاق مع النظرية الطبية الحديثة عن أهمية العنصر السيكولوجي في العلاج الحديث، فقد دلت الاحصائيات الدقيقة على ان 80% من المرضى بشتى انواع الأمراض في جميع المدن الأمريكية الكبرى ترجع أمراضهم إلى حد كبير إلى مسببات نفسيه، ونصف هذه النسبة من الاشخاص الذين ليس لديهم مرض عضوي في أية صورة من الصور. وليس معنى ذلك ان هذه الامراض مجرد أوهام خيالية، فهي أمراض حقيقية، وليست أسبابها خالية ولكنها موجودة فعلا ويمكن الوصول اليها عندما يستخدم الطبيب المعالج بصيرته بها.