الا اذا سلمنا بوجود الله، ومن ذلك مثلا هذا الفراغ اللانهائي، وما يسبح فيه من النجوم والكواكب التي لا يحصيها عد ولا حصر، ومن ذلك قابلية المادة للانقسام إلى جزيئات اساسية بالغة الصغر مهما كانت طبيعتها، ومن ذلك التشابه الذي نشاهده بين جميع الكائنات الحية التي نعرفها، مع اتصاف كل فرد، بل كل بنان، بل كل ورقة من أوراق الأشجار، وقطرة من قطرات الماء، بصفات خاصة تميزها عن غيرها. وهنالك ايضا تلك الهوة العميقة التي تفضل بين الانسان وسائر الكائنات الأرضية الاخرى، وتجعله ممتازا عليها بعقله ومهارته اليدوية.
لقد ذكرنا ان اعتقاد وجود الله لابد ان يقوم على الايمان، وبينا ان هذا الايمان ليس غريبا على الانسان، وان هنالك انواعا مختلفة من الايمان، ونود ان نؤكد هنا ان الايمان الذي نقصده هو الايمان البصير وليس الأعمى، اي الايمان الذي يقوم على العقل والتدبر. وقد آمن كثير من الناس بالله، فذاقوا حلاوة الايمان في أنفسهم وفي قلوبهم، بل في العالم المادي الذي تهتم العلوم بدراسته.
ان التطلع نحو المعرفة والتساؤل عن كيفية حدوث الاشياء ومسبباتها، يعتبران من الصفات الهامة التي تتصف بها العقول البشرية الموهوبة، فاذا آمن المشتغل بخالق هذا الكون فان دراسته العلمية مهما كان اتجاهها سوف تزيده ايمانا بالله.