عادة بإجراء عدد محدود من التجارب البسيطة التي تكفي لكي تهيئ له قدرا مناسبا من الفهم والاحاطة بالظواهر الأساسية على ان يسلم تسليما بما قام به رجال العلوم الذين سبقوه من أعمال وما وصلوا اليه من نتائج، ومعنى ذلك انا نكتسب معلوماتنا من التاريخ المكتوب للتجارب السابقة، فمن ذلك مثلا ان عدد من قاموا بتحديد سرعة الضوء يعد قليلا جدا، ومع ذلك فان كل الناس يسلمون بسرعته المعروفة، ولا يساورهم شك في أمرها، وبمثل ذلك يسلم العلماء بصحة بعض الفروض المقبولة والتي ليس هنالك سبيل إلى إدراكها إدراكا حسيا، فليس هنالك من يستطيع ان يدعي انه رأى البروتون أو الإلكترون، ولكن الناس يلمسون آثارها. وكذلك الحال فيما يتصل بتركيب الذرة، وبالصورة التي رسمها لها بور رضي الله عنهohr، وهي صورة مبسطة تعيننا على ادراك سلوك الذرى وخواصها، وكذلك الحال فيما يتعلق بتركيب الأجرام السماوية البعيدة وما يفصلها من مسافات شاسعة مما لا نستطيع ان نخضعه لتجاربنا، أو نقيم الأدلة المباشرة على صحة نظرياتنا وفروضنا حوله. فمن الواضح اذن ان كثيرا من المعلومات التي يحتاج اليها الانسان في حياته ويسلم بصحتها، لابد ان يتقبلها ويؤمن بها إيمانا يقوم على التسليم بصحتها، وليس معنى ذلك انه ايمان اعمى، فهو ايمان يسمح بأن يوضع على محك الاختبار في شتى مواضعه فيزداد بذلك قوة وتدعيما.
ويستطيع الانسان ان يمارس مثل هذا الايمان فيما يتصل بفكرة وجود الله، فقد أنزل الله على بعض رسله في العصور السابقة كتبا مسجلة تنطق بالبينات وتؤكد فكرة وجود تعالى، وتوضح علاقة الانسان به. وتصف هذه الكتب حالات الانسان وحاجاته، وتوضح له الطريق الذي يمكن ان يسلكه لكي يطهر نفسه ويزكيها. وقد جاءت هذه الكتب في ظروف معروفة من الزمان والمكان بحيث يمكن التحقق منها تحققا تاريخياً وجغرافياً.
وهذه الكتب فريدة في نوعها في كثير من الوجوه، وهي تسمح للانسان بتدبيرها