خاصاً، سلوك غير منتظم، لا نستطيع أن نتنبأ به، ومع ذلك فإننا نستطيع أن نقدر نتائج التفاعل الكلي تقديرا بالغ الدقة. وقد يكون هنالك مئات الآلاف من الأيونات التي لم تشترك في التفاعل ولكن مادامت الموازين التي نستخدم عاجزة عن تقدير هذا القدر الضئيل منها فإننا نعتبر أن التفاعل قد أكتمل وبلغ درجة التمام.
ويشير دينوي إلى ذلك فيقول: إن كل شيء يتوقف على معايير الملاحظة التي تستخدمها، وإن ما قد نعتبره تاماً أو كاملا باستخدام أحد المعايير قد لا يكون كذلك عندما نستخدم معياراً آخر، فإذا مزجنا جراماً من الكربون لأحد الميكروبات التي تزحف فوق هذا التل من الخليط، فإنه يبدو على صورة مجموعة من الكتل السوداء التي تجاورها كتل بيضاء. ويرجع ذلك إلى اختلاف مستوى الملاحظة في حالة الميكروب عنده في حالتنا.
أما لماذا تخضع الكيمياء للقوانين التي اكتشفناها، فيرجع إلى أنها علم إحصائي. وعلى ذلك فإن القوانين الطبيعية الكيماوية تقوم في أساسها على عدم الانتظام. أما ما نشاهده من انتظام الظواهر فيرجع إلى أننا نتعامل مع أعداد بالغة الكبر تخضع في مجموعها لقوانين الإحصاء وتعطي نتائج محددة. ومن أن النظام الذي نشاهده والتوافق الذي نلاحظه إنما يخرجان من الفوضى.
فما هي القوى الموجهة التي وراء هذه القوانين الإحصائية؟ عندما يطبق الإنسان قوانين المصادفة لمعرفة مدى احتمال حدوث ظاهرة من الظواهر في الطبيعة مثل تكون جزيء واحد من جزيئات البروتين من العناصر التي تدخل في تركيبه، فإننا نجد أن عمر الأرض الذي يقدر بثلاثة بلايين من السنين أو أكثر، لا يعتبر زمنا كافيا لحدوث هذه الظاهرة وتكون هذا الجزيء عن طرق المصادفة إن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت