دقيقة ثابتة في المركب الواحد. وعندئذ أتضح أن الظواهر الكيماوية تخضع لقوانين معينة مثل قانون بقاء المادة وقانون ثبات الركيب وقانون بقاء الطاقة.
بهذه الوسائل التي تسلح بها الكيماويون في بحوثهم العلمية، تحول علم الكيمياء من علم وصفي إلى علم قياسي يعتمد على القياس الدقيق. وما إن فتح ذلك الطريق على أساس الاتجاه حتى ظهر التقدم الحقيقي، وصار من المقرر أن دراسة الكيمياء تقوم على أساس الانتظام والقوانين. ذلك تحولت الكيمياء إلى صف العلوم. وتقدمت دراستها في نصف القرن الذي تلا دالتون تقدماً كبيراَ وسارت في نفس الاتجاه الذي حددته قوانين نيوتن، ونجح العلماء في زيادة عدد العناصر في سنة 1900 وبذلك ضربت الكيمياء رقماً قياسياً في تقدمها.
لقد كان دالتون يعتبر الذرة كتلة صلبة من المادة تخضع لقوانين نيوتن. وفي النصف الأخير من القرن التاسع عشر أجريت تجارب عديدة اتضح منها أن هنالك ذرات أكثر تعقيداً من الذرات التي وصفها دالتون، فقد بدأ ماسون في سنة 1853م بإمرار تيار كهربائي خلال أنبوبة مفرغة. ثم حاول جسلر أن يعيد التجربة السابقة مستخدما تياراً أقوى ومجموعة من الغازات المختلفة داخل الأنابيب المفرغة. وفي سنة 1878م أستطاع كروكس باستخدام أنابيب مفرغة إلى درجة لم يحصل عليها سابقوه، أن يلاحظ بريقا عجيبا داخل الأنبوب عند إمرار التيار الكهربي بها. وقد أثبت طويون أن هذه الأشعة العجيبة تحمل شحنات كهربية سالبة، وأنها تتحرك بسرعة لا يتصورها العقل، وأنها تكاد تكون عديمة الوزن، وقد سميت هذه الأشعة أشعة المهبط، كما سميت الأنابيب التي تتكون داخلها أشعة المهبط. وقد تبين أخيراً أن هذه الأشعة ليست إلا سيلا من الالكترونات المتدفقة.