عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟، قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ».

وَأَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ (685)، وَابْنُ أبِي شَيْبَةَ (2/ 187/5896)، وَأَحْمَدُ (4/ 372)، وَالدَّارِمِيُّ (1612)، وَالْبُخَارِيُّ «التَّارِيْخُ الْكَبِيْرُ» (1/ 438)، وَالنَّسَائِيُّ «الْمُجْتَبَى» (3/ 194) و «الْكُبْرَى» (1793)، وَابْنُ مَاجَهْ (1310)، وَالْبَزَّارُ (4337)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ (1464)، وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ «الْمَعْرِفَةُ وَالتَّارِيْخُ» (1/ 303)، وَالطَّحَاوِيُّ «شَرْحُ مُشْكَلِ الآثَارِ» (1153، 1154)، وَالطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (5/ 210/5120)، وَالْحَاكِمُ «الْمُسْتَدْرَكُ» (1/ 288)، وَالْبَيْهَقِيُّ «السُّنَنُ الْكُبْرَى» (3/ 317) و «الصُّغْرَى» (714) و «مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالآثَارِ» (7023)، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ «التَّحْقِيقُ فِي أَحَادِيثِ الْخَلافِ» (795) مِنْ طُرُقٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ بِمِثْلِهِ.

قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ خُزَيْمَةَ: إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ!، فَإِنِّي لاَ أَعْرِفُ إِيَاسَ بْنَ أَبِي رَمْلَةَ بِعَدَالَةٍ، وَلاَ جَرْحٍ.

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ «مِيزَانُ الاعْتِدَالِ» (1052): قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لا يَثْبُتُ هَذَا، فَإِنَّ إِيَاسًا مَجْهُولٌ.

قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. وَإِيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَجَاهِيلِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ يُتَلَقَّى حَدِيثُهُمْ بِحُسْنِ الظَّنِّ عِنْدَ الذَّهَبِيِّ، لَكِنْ مُوجِبَاتُ ضَعْفِ حَدِيثِهِ لائِحَةٌ:

[أَوَّلاً] نَكَارَةُ مَتْنِهِ.

[ثَانِيًا] مُخَالَفَتُهُ للأُصُولِ.

[ثَالِثًا] مُعَارَضَتُهُ لِمَا ثَبَتَ وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ كَانَا إِذَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاتَيْنِ كِلَيْهِمَا.

قُلْتُ: وَأَكْثَرَ مَنْ تَلَقَّى هَذَا الْحَدِيثَ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ بِجَهَالَةِ رَاوِيهِ، فَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ عَلَى انْتِفَاءِ هَذِهِ الْعَوَارِضِ الثَّلاثِ، كَنَحْوِ صَنِيعِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالطَّحَاوِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَعِدَّةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالْحُفَّاظِ.

فَقَدْ بَوَّبَ لَهُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ خُزَيْمَةَ: بَابُ الرُّخْصَةِ لِبَعْضِ الرَّعِيَّةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، فَإِنِّي لاَ أَعْرِفُ إِيَاسَ بْنَ أَبِي رَمْلَةَ بِعَدَالَةٍ، وَلاَ جَرْحٍ.

فَقَوْلُهُ: لِبَعْضِ الرَّعِيَّةِ بَيِّنُ الدِّلالَةِ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ لِمَنْ شَهِدَ ذَلِكَ الْعِيدَ مِمَّنْ لَمْ تَجِبِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ، وَهُمْ أَهْلُ الْبَوَادِي.

وَمِنَ التَّنْبِيهِ الْوَاجِبِ: أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ لَمْ يَجْزِمْ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ كَمَا زَعَمَ الأَمِيْرُ الصَّنْعَانِيُّ فِي «سُبُلِ السَّلامِ».

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ «شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ» (1153، 1154): أَنَّ الْمُرَادِينَ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُمْ أَهْلُ الْعَوَالِي الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ، مِمَّنْ لَيْسَتِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَاجِبَةً ; لأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ , وَالْجُمُعَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الأَمْصَارِ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ «التَّمْهِيدُ» (10/ 277): وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي شُهُودِهَا، وَأَحْسَنُ مَا يُتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ رُخِّصَ بِهِ لِمَنْ لَمْ تَجِبِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ الْعِيدَ.

وَقَالَ «الاسْتِذْكَارُ» (7/ 29): لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هذه الآثَارِ، مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا، وَمَا سَكَتْنَا عَنْهُ أَنَّ صَلاةَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُقِمْهَا الأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُمْ أَقَامُوهَا بَعْدَ إِذْنِهِمُ الْمَذْكُورِ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ الإِذْنُ عِنْدَنَا لِمَنْ قَصَدَ الْعِيدَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِصْرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015