أخبر الله عز وجل عنه من أخبار القرون الماضية والأمم السالفة فلا يجوز فيها النسخ وكذلك ما أخبر عن وقوعه في المستقبل كخروج الدجال وغير ذلك لم يجز فيه النسخ: وحكي عن أبي بكر الدقاق أنه قال: ما ورد من الأمر بصيغة الخبر كقوله عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 1
يجوز نسخه. وقال بعض الناس: يجوز {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} وإن كان لفظه لفظ الخبر إلا أنه أمر، ألا ترى أنه يجوز أن يقع فيه المخالفة ولو كان خبرا لم يصح أن يقع فيه المخالفة وإذا ثبت أنه أمر جاز نسخه كسائر الأوامر والدليل على القائل الآخر أنا إذا جوزنا النسخ في الخبر صار أحد الخبرين كذبا وهذا لا يجوز.
فصل
وكذلك لا يجوز نسخ الإجماع لأن الإجماع لا يكون إلا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم والنسخ لا يجوز بعد موته.
فصل
وكذلك لا يجوز نسخ القياس لأن القياس تابع الأصول والأصول ثابتة فلا يجوز نسخ تابعها، فأما إذا ثبت الحكم في عين بعلة وقيس عليها غيرها ثم نسخ الحكم في تلك العين بطل الحكم في الفرع المقيس عليه، ومن أصحابنا من قال: لا يبطل وهو قول أصحاب أبي حنيفة رحمه الله وهذا غير صحيح لأن الفرع تابع للأصل فإذا بطل الحكم في الأصل بطل في الفرع.