على وجه المصلحة فيجوز أن تكون المصلحة في وقت في أمر وفي وقت آخر في غيره فلا وجه للمنع منه.
فصل
وأما البداء فهو أن يظهر له ما كان خفيا عليه من قولهم: بدا لي الفجر إذا ظهر له وذلك لا يجوز في الشرع. وقال بعض الرافضة: يجوز البداء على الله تعالى وقال منهم زرارة بن أعين في شعره:
ولولا البدا سميته غير هائب ... وذكر البدا نعت لمن يتقلب
ولولا البدا ما كان فيه تصرف ... وكان كنار دهرها تتلهب
وكان كضوء مشرق بطبيعة ... وبالله عن ذكر الطبائع يرغب
وزعم بعضهم أنه يجوز على الله تعالى البداء فيما لم يطلع عليه عباده وهذا خطأ لأنهم إن أرادوا بالبداء ما بيناه من أنه يظهر له ما كان خفيا عنه فهذا كفر وتعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا وإن كانوا أرادوا به تبديل العبادات والفروض فهذا لا ننكره إلا أنه لا يسمى بداء لأن حقيقة البداء ما بينا ولم يكن لهذا القول وجه.
فصل
فأما نسخ الفعل قبل دخول وقته فيجوز وليس ذلك ببداء ومن أصحابنا من قال: لا يجوز ذلك وهو قول المعتزلة وزعموا أن ذلك بداء، والدليل على جواز ذلك أن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه ثم نسخه قبل وقت الفعل فدل على جوازه، والدليل على أنه ليس ببداء ما بيناه من أن البداء ظهور ما كان خفيا عنه وليس في النسخ قبل الوقت هذا المعنى.