علم من نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع المطعوم في قوله: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا مثل بمثل" فإنه علق النهي على الطعم فالظاهر أنه علة وكما روى أن بريرة أعتقت فكان زوجها عبدا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه خيرها لعبودية الزوج ويليه ما عرف بالاستنباط ودل عليه التأثير كالشدة المطربة في الخمر فإنه لما وجد التحريم بوجودها وزال بزوالها دل على أنها هي العلة، وهذا الضرب من القياس لأنه محتمل أن يكون الطعام أراد به ما يطعم ولكن حرم فيه التفاضل لمعنى غير الطعم وكذلك حديث بريرة يحتمل أنه أثبت الخيار لرقه ويحتمل أن يكون لمعنى آخر ويكون ذكر رق الزوج تعريفا وكذلك التحريم في الخمر يجوز أن يكون للشدة المطربة ويجوز أن يكون لاسم الخمر فإن الاسم يوجد بوجود الشدة ويزول بزوالها فهذا لا ينقض به حكم الحاكم.
فصل
وأما الضرب الثاني من القياس: وهو قياس الدلالة فهو أن ترد الفرع إلى الأصل بمعنى غير المعنى الذي علق عليه الحكم في الشرع إلا أنه يدل على وجود علة الشرع وهذا على اضرب: منها أن يستدل بخصيصة من خصائص الحكم على الحكم وذلك مثل أن يستدل على منع وجوب سجود التلاوة بجواز فعلها على الراحلة فإن جوازه على الراحلة من أحكام النوافل ويليه ما يستدل بنظير الحكم على الحكم كقولنا في وجوب الزكاة في مال الصبي أنه يجب العشر في زرعه فوجبت الزكاة في ماله كالبالغ وكقولنا في ظهار الذمي إنه يصح طلاقه يصح ظهاره فيستدل بالعشر على ربع العشر وبالطلاق على الظاهر لأنهما نظيران فيدل أحدهما على الآخر وهذا الضرب من القياس يجري مجرى الخفي من قياس العلة في الاحتمال إلا أن يتفق فيه ما يجمع على دلالته فيصير كالجلي في نقض الحكم به.
فصل
والضرب الثالث: هو قياس الشبه وهو أن تحمل فرعاً على الأصل بضرب