وصنفٌ من الناس يمضون هذه الإجازة فيما يغضب الله عز وجل، فيكونون من الذي بدلوا نعمة الله كفراً، تجدهم يذهبون إلى خارج البلاد: إلى بلاد الكفر والفجور والدعارة والأخلاق السيئة، هؤلاء خسروا دينهم ودنياهم، أما دينهم فإنه لا شك أن هذه المشاهد التي يشاهدونها سوف تؤثر عليهم تأثيراً بالغاً ولا سيما الصغار، فإن الصغير إذا انطبع في ذهنه شيء لم يكد يخرج منه، وخسروا دنياهم؛ لأنهم يبذلون أموالاً طائلة في مثل هذا السفر: فنادق، سيارات نقل، وغير ذلك من الأموال الباهظة، ثم هم مع ذلك ينمون أموال الكفار؛ لأن الكفار يدخل عليهم فائدة كبيرة من السياح الذين يصلون إلى بلادهم، ولهذا أرى وخذوا عني: أن السفر إلى بلاد الكفار محرم إلا بثلاثة شروط: الأول: أن يكون عند الإنسان علمٌ يدفع به الشبهات.
والثاني: أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات.
والثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك.
فأما الإنسان الذي ليس عنده علم ويخشى عليه من الشبه التي يسمعها هناك أو يقرؤها فإنه لا يذهب؛ لأنه إذا ذهب زعزع عقيدته وشك بعد الإيمان وتردد بعد اليقين، وهذا دمارٌ للإنسان.
كذلك إذا كان ليس عنده دينٌ قوي بمعنى: أنه يفسد مع الفاسدين وتغريه المناظر فيفسد، هذا أيضاً لا يذهب؛ لأن المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن.
والثالث: الحاجة إلى هذا، أن يحتاج إلى ذلك إما لعلم لا يوجد له نظير في المملكة، أو ذهب لمرضٍ يتداوى، أو لتجارة لا بد منها، وأما إذا لم يكن له حاجة فلا يذهب، وكم من أناسٍ يذهبون إلى الخارج باسم التمشي والنزهة فتفسد أخلاقهم وتنحل عقائدهم -والعياذ بالله- ويرجعون ممسوخين، ولا شك أن هذا لا يحل للمسلم أن يتعرض له لما فيه من الشر والفساد.
هذا ما يتعلق بأصناف الناس في هذه الإجازة، وإنني أكرر على إخواني: أن يستغلوا هذه الإجازة بما فيه الخير إما في الدين وإما في الدنيا، وأفضل ما تقضى فيه هذه الإجازة هو طلب العلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء) .
أسأله الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات بما يرضي الله عز وجل.