الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكمه في الشريعة الإسلامية أنه من أفضل الأعمال الصالحة، حتى أن هذه الأمة فضلت على غيرها؛ لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] .
والأمر بالمعروف سببٌ لوحدة الأمة واجتماعها واتفاقها، وائتلافها دليل ذلك قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104-105] .
وهذا الذي ذكره الله عز وجل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ للاجتماع وعدم التفرق وللألفة وعدم العداوة أمر يشهد به الواقع، لو أن بعضنا دخل المسجد وصلى وبعضنا بقي خارج المسجد يبيع ويشتري، أليس هذا تفرقاً؟ بلى هذا تفرق، هؤلاء يصلون وهؤلاء يضحكون ويلعبون، لكن لو أمرنا بالمعروف قلنا للذي خارج المسجد مثلاً: تفضل صل، إذاً اجتمعنا وائتلفنا ولم نتفرق.
الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب ولكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، دليله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104] (مِن) هنا للتبعيض، ولو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على الأعيان لكان واجباً على كل الأمة، لكن الآية صريحة: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران:104] أي: كونوا أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، ولكن إذا لم يوجد إلا الشخص المعين صار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه واجباً عينياً كسائر فروض الكفايات إذا لم يوجد من يقوم بها وجب على الباقين، وعلى هذا فلو مررت بقوم على منكر ولم تجد أحداً ينهاهم عنه كان نهيك إياهم واجباً يجب عليك أن تنهاهم.