Q فضيلة الشيخ ما رأيك بمن يذهب بعائلته إلى مكة لأداء العمرة، ويترك أبناءه يمضون في الشوارع وهو لا يصلي، بل حتى نساءه يتسكعن في الأسواق بين الرجال وهو يصلي في الحرم، لكن ليس له دخل بهم، هل هو مأجور أم آثم؟
صلى الله عليه وسلم أقول عن عقيدة مبنية على أصل: إنه آثم وليس بمأجور؛ لأنه أهمل أمراً حمله الله إياه لأمرٍ ليس بواجب، ما الذي حمله الله؟ رعاية أهله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته) أين تحذير الله عز وجل أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً؟ وأين الرعاية التي حملنا إياها رسوله صلى الله عليه وسلم والإنسان يجلس في المسجد الحرام مع ما فيه من الشدة والضيق ومشاهدة النساء وغير ذلك، وأولاده الذكور والإناث يتسكعون في الأسواق، أين الرعاية؟ أين الأمانة؟ فأقول: إنه آثم، فإذا قال: إذا أثمتموني بذهابي وأهلي معي أبقي أهلي في البلد وأذهب أنا، قلنا: لا بأس، هل إذا أبقيت أهلك في البلد هل لهم راعٍ يرعاهم؟ إن قال: نعم.
قلنا: لا بأس اذهب؛ لأنه لا يترتب على ذهابه شيء، ولا نقص رعاية، ولا إخلال بأمانة، أما إذا قال: إذا ذهبت لم يبق أحد يرعاهم، وسفروا في البلد، وحصل إهمال، فنقول: لا تذهب ولا للعمرة، اللهم إلا أن تذهب في أول النهار بالطائرة وترجع في آخر النهار بالطائرة، حتى لا يضيع الوقت عليك بالنسبة لرعاية أهلك.
وإني أقول وأكرر أمانة أبلغها لمن شاء الله: إن الدين ليس بالعاطفة، الدين حدود وتشريعات من الله عز وجل، انظر عملك قبل أن تفعل ما تهوى نفسك، هل عملك مطابق للشريعة أم لا؟ إن كان مطابقاً للشريعة فذلك من فضل الله، فافعل ما تقتضيه الشريعة، لو كان الدين بالعاطفة لكان جميع أهل البدع على حق؛ لأن هذا هو الذي تمليه عليهم عاطفتهم، الصوفية يقولون: هذا أعلى رتب الإيمان، والمعطلة لأسماء الله وصفاته يقولون: هذا أعلى رتب التنزيه، والممثلة يقولون: هذا أعلى رتب الامتثال، وهلم جراً، لكن الدين شرع محدد من قبل الله ورسوله، فإذا كان كذلك فليس كلما يروق لي ويدخل مخي ويتحلاه ذوقي يكون شرعاً، ليس بصحيح، المشركون حينما يشركون هل هذا ذوق لهم أو اتباع؟ ذوق.
هم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] ولَكُنَّا نقول: هذا حق أيضاً، فكون الإنسان يعمل بهواه وبما يتذوقه ويقول: هذا هو الشرع ويعرض عما أوجب الله عليه فهذا خطأ عظيم، يقول الله عز وجل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:71] .