اللقاء الشهري (صفحة 662)

القسم الثاني: زيارة البلاد المقدسة

ومن الناس من يمضي هذه الإجازة بالسفر إلى البلاد المقدسة إلى مكة والمدينة، فيحصل له بذلك خير، يحصل له بذلك عمرة وزيارة إلى المسجد النبوي، وربما يلتقي بإخوان له وفدوا من هنا وهناك فيدلي كل واحد منهم إلى الآخر بما لديه من المشاكل وما لديه من الهموم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والإنسان لا بد أن يشكو إلى صديقه وإلى ذي النصح له لا بد أن يشكو إليه الحاجات التي في صدره حتى يبين له كيف يكشف هذه الحاجات.

وهؤلاء يحتاجون إلى أن يعلموا كيف يعتمرون وكيف يزورون المسجد النبوي، بحيث لا يذهبون إلى هناك سدى، أو في حالة غفلة، لا بد أن يعلم ماذا يصنع إذا أراد العمرة؟ ماذا يصنع إذا أراد الزيارة؟ ونحن نتعرض إلى هذا بشيء يسير من القول: يذهب من بلده قاصداً العمرة حتى يكون مسيره من بلده إلى أن يقوم بالعمرة على خير، يأتي الميقات فيحرم، يقول: لبيك عمرة، ثم يأتي البيت فيطوف به سبعة أشواط، ثم يصلي خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يبقى هناك ما شاء الله، وإذا أراد أن يخرج من مكة إلى بلده فإنه يطوف طواف الوداع.

أما الزيارة فإنه يأتي المدينة فيصلي في المسجد النبوي ما شاء الله، ثم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر، فيقف تجاه وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، وأحسن صيغة للسلام عليه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون تجاه أبي بكر يقول له: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون مقابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، انتهت الزيارة.

وينبغي أن يخرج إلى قباء من بيته متطهراً فيصلي فيه ما شاء الله ركعتين أو أكثر؛ لأن قباء من المساجد التي تسن زيارتها، لكنه لا يشد إليه الرحل، لكن إذا كنت في المدينة فاخرج إليه متطهراً وصلِّ فيه ما شئت، فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من توضأ في بيته ثم خرج إلى قباء كان كمن أدى عمرة) .

فهذان مزاران: المزار الأول: في المدينة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه.

الثاني: مسجد قباء.

الثالث: البقيع وهو مدفن الصحابة رضوان الله عنهم، فإنك تزور البقيع وتسلم عليهم عموماً بما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم به: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم سلفنا ونحن في الأثر، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) وتسلم على عثمان رضي الله عنه بالأخص، وقبره هناك معروف.

ثم المزار الرابع: شهداء أحد تذهب إلى أحد لتسلم عليهم، فتقف هناك عند الشبك عند باب المقبرة وتسلم عليهم، وشهداء أحد على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأما المساجد السبعة وما يقال عن مزارات هناك فهذا كله لا أصل له، ولا صحة له، ولهذا لا تنخدع بما يذكر من المزارات، فإن ذلك لا صحة له ولا أصل له.

يظن بعض الناس أنه لا بد لمن زار المدينة أن يبقى فيها خمسة أوقات وهذا غير صحيح، بل لو صليت وقتاً واحداً أو جئت في الضحى وصليت في المسجد وسافرت قبل الظهر فلا بأس، هذا الصنف الثاني من الناس، الصنف الأول: الذي تفرغ لطلب العلم.

الثاني: الذي سافر إلى مكة والمدينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015