Q فضيلة الشيخ! نفع الله بعلمك، هل لنا أن نطلب منك دون أن نشق عليك تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بدون خلاف وبدون ذكر أقوال؛ وذلك لتكون لعامة المسلمين من رجال ونساء؛ لأن البعض يجهل صفة الصلاة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولذلك نرى على الكثير ملحوظات ومخالفات وفقك الله لنفع عباده؟
صلى الله عليه وسلم الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ويجب على المرء أن يعتني بها عناية كاملة؛ لأنها عمود الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أصحابه صفة الصلاة إما بالقول وإما بالفعل، أما بالقول، كقوله للرجل الذي صلى بلا طمأنينة: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر) إلى آخر الحديث.
وإما الفعل فقد كان الوافدون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلون معه ثم يقول لهم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) .
فالإنسان يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة، ثم يستقبل القبلة فيكبر رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه مع التكبير أو بعده أو قبله، كل ذلك جائز، ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى على صدره، ثم يستفتح فيقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد.
أو يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ الفاتحة ويقدم عليها البسملة، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:2-7] يقف على كل آية كما وقفت الآن على كل آية، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، وتكون القراءة في الفجر قراءة طويلة من طوال المفصل، وفي المغرب قراءة قصيرة من قصار المفصل، ولا بأس أن يقرأ قراءة طويلة في صلاة المغرب أحياناً كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الظهر والعصر والعشاء فيقرأ قراءة وسطاً بين هذا وهذا، ثم يرفع يديه مكبراً راكعاً ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويكون مستوياً ويكون رأسه حيال ظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أو أكثر، ويقول كذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
ثم يرفع رأسه ويديه كما رفعهما عند الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده، إلا المأموم فيقول بدلها: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.
ثم يخر ساجداً مكبراً ويقدم ركبتيه ثم كفيه ثم جبهته وأنفه، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً أو أكثر كما أحب ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
ثم يدعو بما شاء، ويكثر من الدعاء في السجود؛ لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حيث قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وفي حال السجود لا يرفع يديه، ثم يرفع من السجود ويجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى، وأعني بالرجل هنا القدم لا الساق والفخذ، ينصب القدم ويجلس على اليسرى ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني واجبرني ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى.
ثم ينهض إلى الركعة الثانية ويفعل فيها كما فعل في الركعة الأولى إلا الاستفتاح فلا يستفتح، والتعوذ فيه خلاف، بعض العلماء يقول: كلما قام إلى ركعة تعوذ وبعضهم يقول: يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ثم إذا صلى ركعتين جلس للتشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية أكمل التشهد كله، وإن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإذا تشهد التشهد الأول قام وأتى بالباقي من صلاته لكنه يقتصر فيها على الفاتحة، أما التشهد فالأول ينتهي عند قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأما الأخير فإنه لا نهاية له؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فلو بقيت أكثر من نصف ساعة أو ساعة وأنت جالس في التشهد تدعو الله عز وجل فلا حرج، إلا الإمام فإنه لا يطيل على المأمومين، ثم تسلم عن يمينك: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يسارك: السلام عليكم ورحمة الله.
هذا ملخص ما نعلمه من صفة الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.