Q سائل يقول: فضيلة الشيخ: هناك مشكلة أسأل الله عز وجل أن يجعل حلها على يديك، وهي خاصة بي وبإخواني الذين في مثل حالي، فقد جمع الله بيني وبين زوجتي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وزوجتي معارة هنا، وبمجرد أن تركب الطائرة تخلع العباءة وتكشف جسمها، ثم تذهب بعد ذلك إلى المصايف في بلادنا بـ مصر، بما في ذلك من شرور وآثام، وهذا العام هداني الله عز وجل في رمضان، والحمد لله عرفت بأن ذلك محرم، ولكني لم أستطع إقناع زوجتي حتى الآن بأن ترتدي الحجاب الشرعي بعد الإجازة عندما نذهب إلى بلادنا، حيث إنها مصرة على عدم التحجب، لدرجة أنني عندما أكلمها في ذلك تطلب مني الطلاق، وفي حالة إصراري على حجابها تدعي أن الحجاب هنا عادة وتقاليد لأهل هذا البلد، وثانياً: أن الحجاب هنا ضروري للحصول على المال طبقاً لنظام هذا البلد، والمهم أن بيننا أطفالاً ثلاثة، فهل من كلمة لها ولمن في مثل حالها وهي حاضرة اليوم راغبة في سماع رأي فضيلتكم فبماذا تنصحونها؟ وبماذا أتصرف والحال هذه؟ وإذا أصرت على الطلاق فهل تأثم بذلك وهي تريد التبرج، جزاك الله عنا وعن كل مسلم خير الجزاء؟
صلى الله عليه وسلم أقول: ورد في السؤال أن الحجاب عادات وتقاليد وهذا خطأ، الحجاب عبادة وتدين وتقرب إلى الله عز وجل، وليس من باب العادات والتقاليد، بل هو من باب الأوامر التي أمر الله بها ورسوله، فيكون فعله قربة إلى الله عز وجل، وهذه نقطة مهمة، لأننا إذا اعتقدنا أنه عادات وتقاليد، ثم سافرنا من بلد عاداته وتقاليده الاحتجاب إلى بلد لا يعتادون ذلك، فهذا يقتضي ألا تحجب المرأة هناك، لأن عاداتهم وتقاليدهم لا يجب فيها الاحتجاب، ولكن أقول لإخواني من رجال ونساء: إن الحجاب شرع، وليس عادة، وذلك لأمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وأنه خلق وحياء ولا شك أن الحياء من الإيمان.
وإني أنصح هذه المرأة ألا يكون للشيطان عليها سبيل ليفرق بينها وبين زوجها، فإن أحب ما يكون للشيطان أن يفرق بين المرء وزوجه، ولهذا كان أشد السحر وأعظمه هو التفريق بين الرجل والمرأة، لقول الله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) [البقرة:102] .
أشير على هذه المرأة أولاً: أن تتقي الله عز وجل وأن ترتدي الحجاب الشرعي الذي كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المسلمين يرتدينه تعبداً لله وتقرباً إليه واحتساباً للأجر والثواب.
ثانياً: الزوج بالنسبة للزوجة سيد، كما قال الله تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) [يوسف:25] والزوجة بالنسبة للزوج أسيرة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم) والعواني جمع عان والعاني هو الأسير، إذاً فالزوج سيد، والزوج أيضاً راع على أهله، نصبه النبي عليه الصلاة والسلام، ولم ينصبه أحد من الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) .
وإذا كان الأمر كذلك، فالكلمة في هذا له، فالواجب على المرأة أن تطيعه في هذا، لأنها إذا أطاعته في هذا فقد أطاعته في طاعة الله عز وجل، نعم لو طلب الزوج من امرأته أن تمارس شيئاً محرماً فلا سمع له ولا طاعة، لكن إذا لم يكن محرماً، بل هو مأمور به شرعاً؛ فإن ذلك يتأكد عليها أن تطيعه، فأشير على زوجة هذا السائل أن تتقي الله عز وجل، وأن تحتجب الحجاب الشرعي طاعة لله عز وجل قبل كل شيء، ثم امتثالاً لأمر زوجها الذي جعله الرسول عليه الصلاة والسلام راعياً عليها، والذي له الحق في أن يقول كلمته وعليها الحق في أن تقبل هذه الكلمة.
ثم إن طلبها الطلاق من أجل هذا طلب بغير حق، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) ومعلوم أنها إذا سألت الطلاق من أجل أن زوجها يأمرها بأن تحتجب، معلوم أنها سألت هذا الطلاق من غير ما بأس، بل سألته من خير.
ثم إنه يجب أن تعلم أن الأمر ليس بالهين إذا فارقها زوجها في هذه الحال وبينهما أولاد، فسوف يضيع الأولاد من وجه، ولن يرغب الناس فيها ولها أولاد من زوج سابق؛ لأن الناس لا يريدون أن يدخلوا في مشاكل مع الآخرين، فلتتقي الله عز وجل، ولتوافق زوجها في ذلك، أي: في الاحتجاب حجاباً شرعياً، طاعة لله عز وجل، وامتثالاً لأمر زوجها، وتجنباً لأسباب الشر والفواحش، وهي إذا فعلت ذلك ابتغاء وجه الله، فما ينالها من الأذى في بلادها، فهو زيادة خير لها وأجر وثواب.