Q فضيلة الشيخ: يعاني الدعاة والناصحون من أمر عظيم، وهو أنهم يرون نساء كاشفات في الحج والعمرة حتى في حال الطواف أو في الوقوف بعرفة أو غير ذلك، فما هو المشروع في حق النساء إذا أحرمن بالنسبة لتغطية الوجه، خاصة أننا نرى بعض من يتحجبن في غير الإحرام إذا أحرمن كشفن عن وجوههن بحجة أن إحرام المرأة في وجهها، ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فيقولون: إذا كانت المرأة ممنوعة من النقاب فمن باب أولى تغطية الوجه، فما هو الرد الذي يمكن أن نرد به عليهم؟
صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يتضايقون من فعل بعض النساء، سواء في موسم الحج أم في غير موسم الحج؛ من التبرج والتطيب وكشف الوجه والكف وربما كشف بعض الذراع، وهذا أمر يحتاج إلى الصبر والمصابرة، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200] ولقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان:17] .
والواجب على النساء إذا خرجن إلى الأسواق أن يخرجن غير متطيبات، ولا متبرجات بزينة، ولا كاشفات لوجوههن ولا لأكفهن ولا لأقدامهن بقدر المستطاع.
والمرأة إذا أحرمت فإنه يحرم عليها أن تنتقب، أي أن تلبس النقاب، لأن لبس النقاب في وجهها كلبس الرجل العمامة على رأسه، ولهذا أطلق بعض العلماء قولهم: إحرام المرأة في وجهها، يعني أن لباس الوجه للمرأة بمنزلة لباس الرأس للرجل فلا تنتقب، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: لا تغطي رأسها، وإنما قال: لا تنتقب، والنقاب أخص من تغطية الرأس، والنهي عن الأخص لا يقتضي النهي عن الأعم.
وعلى هذا فالمرأة يجب عليها إذا مرت من حول الرجال، أو مر من حولها الرجال أن تستر وجهها، وهذا يتعين في الطواف والسعي، وفي المشي في الأسواق، لأنها ستمر بالرجال وسيمر الرجال من عندها، فالواجب عليها أن تتقي الله عز وجل لا سيما وأنها في أمكنة معظمة، وفي أزمنة معظمة وفي عبادة لله عز وجل إذا كانت محرمة، فعليها أن تتقي ربها، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197] وكشف المرأة وجهها أمام الرجال من الفسوق، فلتتقي الله المرأة المسلمة، ولتحافظ على دينها وعلى حيائها وعلى سترها، حتى تكون ممتثلة لأمر الله ورسوله.
وأما لبس القفازين فإنه مأمور به في غير الإحرام؛ أما في الإحرام فإنه منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) وأقول: إن لبس القفازين مشروع لأنه كان من عادة نساء الصحابة رضي الله عنهن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما فيه من تمام الستر.