اللقاء الشهري (صفحة 392)

المبحث الخامس: قضاء الحج

إذا وجب على الإنسان الحج، ولكنه لم يتمكن منه فمات، فهل يقضي عنه من تركته؟ وهل يقدم على الثلث أو الثلث قبله أو ماذا؟ نقول: إذا وجب على الإنسان ولكن لم يُقدَّر له أن يحج، إما لأنه قال: الحج هذه السنة فيه صعوبة أو مشقة، لكني قادر ولم يحج، فإنه إذا مات يكون الحج ديناً في ذمته، ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: (إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: اقضوا لله) .

فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالدين، وعلى هذا فإذا مات هذا الرجل فأول ما نخرج مؤنة تجهيزه، مثل أجرة الغاسل، قيمة الكفن، قيمة الحنوط، قيمة القبر إذا كان لا بد من ثمن لهذه الأشياء، ثم بعد ذلك نأخذ مقدار نفقة الحج قبل الوصية، ثم بعد أن نأخذ مقدار نفقة الحج نأخذ الوصية من الباقي، فإن كانت الوصية بالخمس الباقي، إن كانت بالثلث أخذنا ثلث الباقي وهلم جرا، وإن كانت بالنصف فلا يمكن؛ لأنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا برضا الورثة.

فإذا قدر أن هذا الميت الذي لم يحج مع وجوب الحج عليه لم نجد خلفه إلا مقدار نفقة الحج، فإذا أخذنا هذا الذي عنده لم يبق للورثة شيء ولم يبق للوصية شيء، نقول: نقدم الحج، وتبطل الوصية، ويسقط حق الورثة؛ لأن الدين مقدم على كل شيء.

وإذا قدرنا أن هذا الرجل الذي مات وقد وجب عليه الحج كان عليه دين للآدميين فهل نقدم الحج أو دين الآدمي؟

صلى الله عليه وسلم يتساويان فإذا أمكن أن نقضي الدين ونحج عنه فعلنا، وإذا لم يمكن تقاسمناه، فإذا كان الباقي لا يمكن أن يكفي للحج حينئذ صرفنا المال كله للدين.

ونقتصر على هذا القدر من الكلام؛ لأن الأسئلة أظنها كثيرة، ويمكن أن نحتاج إليها كثيراً، ولم يبق في الوقت إلا دقائق يسيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015