Q فضيلة الشيخ: ما حكم القيام للداخل، سواء كان الداخل يحب أن يقام له أو لا، فإن بعض الناس إذا لم تقم له يرى ذلك استنقاصاً له؛ لأنها عادة عندهم وليس كبراً منه؟
صلى الله عليه وسلم القيام للداخل خلاف عمل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الصحابة كانوا لا يقومون إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك.
لكن إذا اعتاد الناس القيام وصار في ترك القيام مفسدة، وحمل قلب الداخل على من في المجلس، فلا بأس أن يقوم الإنسان، وقد وفد وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لهم، وقد قال العلماء رحمهم الله: هناك قيام إلى الشخص وقيام للشخص، وقيام على الشخص، فهي تختلف باختلاف حرف الجر: الأول قيام إليه، والثاني قيام له، والثالث قيام عليه، أما القيام إليه فإنه سنة، إذا كان الذي قمت إليه أهلاً لذلك، مثل أن يدخل رجل فتقوم وتقابله وتصافحه وتسلم عليه، فهذا سنة لمن كان أهلاً، ودليل ذلك قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه حين قدم من المدينة إلى بني قريظة فلما أقبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى صاحبكم) .
وأما القيام له فهو الذي سمعتم أن الأولى عدم اعتياد الناس له، وأن الإنسان إذا دخل فإنه يجلس حيث ينتهي المجلس، لكن إذا اعتاده الناس وكان في تركه شيء من المفسدة أو حمل القلوب على الداخل فليقم ولا بأس.
الثالث: القيام عليه، فهذا منهي عنه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى إنه لما صلى ذات يوم جالساً، وقام الناس وراءه يصلون قياماً أشار إليهم أن اجلسوا، وقال: (لا تفعلوا كما تفعل الأعاجم على ملوكها) أي: لا تقوموا على إنسان إلا إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين، وإغاظة للمشركين، فإن هذا لا بأس به كما حصل من المغيرة بن شعبة في غزوة الحديبية، حين كان قائماً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف، والنبي صلى الله عليه وسلم يفاوض رسل المشركين، فهذا لا شك أنه خير؛ لأن فيه إعزازاً للمسلمين وإذلالاً للمشركين.
ومثل ذلك إذا قيم على الرجل خوفاً عليه فيكون في هذا حراسة، فهذا أيضاً لا بأس به، أما إذا قيم على رأسه تعظيماً له، فإن هذا لا يجوز.