الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإنه يسرنا في هذه الليلة ليلة الأحد السابع عشر من شهر ربيع الثاني، أربعة عشر وأربعمائة وألف أن نلتقي بكم لقاء هذا الشهر، ونعتذر عن فوات اللقاء في الشهر السابق؛ لأنه لم يتيسر فقد كنا مسافرين.
في هذه الليلة كنت أريد أن أستمر في تفسير سورة: (ق) ولكن رأيت أن يكون موضوع اللقاء هو: السلام وآدابه، والمصافحة، وتقبيل الرأس أو الجبهة أو ما أشبه ذلك؛ لأن ذلك من الأمور المهمة.
فنقول: السلام: اسم من أسماء الله، كما قال الله تعالى في آخر سورة الحشر، وكما سمعتموها في قراءة صلاة العشاء الليلة: {الْقُدُّوسُ السَّلامُ} [الحشر:23] ومعنى السلام الذي هو اسم من أسماء الله معناه، السالم من كل نقص وعيب، فهو حي لا يموت وهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو عالم بما مضى وما يستقبل: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:52] وهو قوي عزيز قادر: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [فاطر:44] {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} [الأحقاف:33] والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، أن الله منزه عن كل عيب، ومن العيب أن يكون مماثلاً للمخلوق؛ لأن المخلوق ناقص فلو جعلنا الله مثل المخلوق لكان ذلك نقصاً وعيباً، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:4] وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم:65] معنى سمياً: أي نظيراً ومشابهاً.
إذاً: السلام من أسماء الله ومعناه: السالم من كل عيب ونقص.