ونعرج يسيراً إلى أهل البلاد الأخرى غير أهل مكة وهم أهل البلاد الذين لم يقدر لهم الحج فهل عوضهم الله عز وجل بعبادات أخرى ليشاركوا الحجاج في عباداتهم؟
صلى الله عليه وسلم نعم، أهل البلاد الأخرى يشاركون الحجاج في الذكر في هذه الأيام العشر، فبينما الحجاج تعج أصواتهم بالتلبية تعج أصوات أهل البلاد الأخرى بالتهليل والتكبير.
وبينما الحجاج والعمار يعظمون الله عز وجل بترك أخذ الشعور، نجد أن أهل البلاد الذين يضحون ويتقربون إلى الله بترك أخذ الشعور والأظفار والجلود، فمن دخل عليه العشر وأراد أن يضحي؛ فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي.
أهل الحج يذبحون يوم العيد هداياهم، وأهل البلاد يذبحون يوم العيد ضحاياهم، ولهذا كانت الضحايا التي تذبح يوم العيد من شعائر الله عز وجل التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، بالذبح لا بالصدقة باللحم، الصدقة باللحم لا شك أنها قربة؛ لكن أهم شيء هو الذبح تقرباً إلى الله عز وجل، ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة الأضحية فقال: (من ذبح قبل أن يصلي فشاته شاة لحم، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النسك وسنة المسلمين) ففرق بين اللحم وبين الأضحية، ولهذا كان من الخطأ أن بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها دراهم ليضحى بها عنه في بلاد أخرى.
نقول: الأضحية شعيرة تتعلق بالإنسان نفسه فاذبحها أنت بيدك إن استطعت أو وكل من يذبحها واحضرها وكل منها؛ لأن الله أمر بالأكل منها، بل جعل الأكل قبل الإطعام، قال: (كلوا منها) وماذا؟ (وأطعموا) ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل من الأضحية، ومن دفع دراهم ليضحى بها في بلاد أخرى هل يمكن أن يأكل منها؟ لا.
إذن: نقول ضح في بلدك وكل، أما إخوانك المسلمون المحتاجون، فابعث إليهم بالدراهم، ابعث إليهم بالأطعمة، ابعث إليهم بالأكسية، فضل الله واسع، أما أن تترك شعيرة من شعائر الإسلام لتقام في بلاد بعيدة عنك، فهذا خلاف ما تقتضيه السنة، ولا يضحي الإنسان إلا بما تحقق فيه أربعة شروط: الأول: أن يكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل، والبقر، والغنم.
الثاني: أن يبلغ بلغ السن المعتبر شرعاً؛ وهو نصف سنة في الضأن، وسنة في الماعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، فما دون ذلك لا يضحى به.
الثالث: أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى) أي: الهزيلة ليس فيها مخ.
الرابع: أن يكون في الوقت المحدد وهو ما بعد صلاة العيد إلى ثلاثة أيام بعده.
فلو ذبح الأضحية قبل الصلاة لم تجزئ، ولو ضحى بعد مضي أيام التشريق لم يجزئ، فلا بد أن تكون في الأيام المعتبرة شرعاً.
هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن حجه مبرور، وذنبه مغفور، وسعيه مشكور، وأن يتقبل منا جميعاً بمنه وكرمه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والآن مع الأسئلة التي عند الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ.