اللقاء الشهري (صفحة 2217)

رضا الزوجين

الشرط الثاني: رضى الزوج والزوجة فإن أكره الزوج أو الزوجة على النكاح فلا نكاح، وكيف يكره الزوج؟ عند بعض البوادي يكره الرجل ابنه على أن يتزوج ابنة عمه ويقول: إما أن تتزوجها وإلا فالرصاصة في رأسك، وهذا إكراه فلا يصح النكاح، بعض البادية يفعل هذا؛ لأنه قد حجر ابنة أخيه لابنه، فيقول: كيف أقابل الرجال وأنا قد حجرت ابنة عمك لك ثم تقول: لا؟ فيكره ابنه على أن يتزوجها، فالنكاح باطل، كذلك لو أكرهت البنت على أن تتزوج من لا تريد فإن النكاح باطل، حتى لو كان أباها فإن النكاح باطل، فلو أكره ابنته على النكاح بأن قال لها: يا ابنتي! هذا ابن عمك قد حجرناه لك ولا يمكن أن تخجلينا، إما أن تتزوجي وإلا فالرصاصة في رأسك.

فوافقت وتم العقد، فإن هذا العقد غير صحيح لعدم الرضا، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنكح الأيم -أي: الثيب- حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) وقال: (البكر يستأذنها، أو قال: يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب.

وما ذهب إليه بعض العلماء من جواز إجبار الرجل ابنته على الزواج، مستدلين بحديث عائشة حين زوجها أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليس لها إلا ست سنين؛ فقولهم ضعيف واستدلالهم باطل؛ لأن أبا بكر زوج عائشة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهل يعقل أن عائشة تمانع في هذا؟ أبداً، هو يعلم علم اليقين أنها تفرح بهذا، ولهذا لما نزل قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:28-29] فالرسول خير النساء: إن كنتن تحببن الدنيا وزينتها فأنا أسرحكن سراحاً جميلاً، وإن كنتن تردن الله ورسوله فلكن الله ورسوله، وبدأ بـ عائشة، عائشة البكر الصغيرة خيرها وخاف أن يدركها الشباب وقال لها: (ما عليك أن تستأمري أبويك) أي: شاوري أبويك، خاف أن تتعجل وتقول: أريد الدنيا؛ لأنها صغيرة، قالت: يا رسول الله! أفي هذا أستأمر أبوي أن أخير بين الله ورسوله وبين الدنيا، أفي هذا أستأمر أبوي؟ أريد الله ورسوله.

سبحان الله! هل يعقل أن مثل هذه إذا زوجها أبوها بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تمانع؟ لا تمانع، إذاً الاستدلال بهذا الحديث خطأ وغلط، لكن أروني بكراً أقر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نكاحها وهي كارهة، لا تجدون هذا، وما يفعله بعض البادية يحبس ابنته على كثرة ما يعطى من الأموال فقد خان أمانته، وسقطت ولايته، وفعل إثماً مبيناً والعياذ بالله، ولن تغنيه الدنيا عن الآخرة، وما يدري فلعله لا يستمتع بما اشترط لنفسه من الأموال.

هذا هو الشرط الثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015